بقلم /د. وحيد عبدالمجيد
يسىء من يتحدثون عن الأوضاع الداخلية فى الولايات المتحدة بشكل انطباعى فهم تركيبة إدارة ترامب، ومغزى وجود عدد من كبار الضباط السابقين فى أبرز مواقعها، مثل وزير الدفاع جيمس ماتيس، ومستشار الأمن القومى هربرت ماكماستر، ووزير الأمن الداخلى جون كيلى.
يظن البعض أن وجود هؤلاء الضباط السابقين يؤدى إلى ما يسمونه «عسكرة إدارة ترامب». ولكن الواقع أن هؤلاء لم يكونوا فقط ضباطا فى الجيش. فهم أصحاب رؤى إستراتيجية يعرف دارسو الشئون الأمريكية مدى أهميتها، وخاصة الجنرال السابق ماتيس، والليفتانت جنرال (الفريق) السابق ماكماستر. ولذلك استبشر بعض من أزعجهم وصول ترامب إلى البيت الأبيض باختياره ماتيس، ثم إحلاله ماكماستر محل مايكل فلين قبل انتهاء الشهر الأول على تنصيبه، واعتبروهما أبرز أركان من يُطلق عليهم فى واشنطن الآن «محور الراشدين» Axis of Adults.
ولكل من ماتيس وماكماستر بصفة خاصة إسهامات بارزة فى الفكر الاستراتيجى ربما تفوق فى أهميتها إنجازاته الميدانية وتدل أوراق ماتيس البحثية التى كتبها أو شارك فى كتابتها خلال فترات تعاونه مع عدد من أبرز مراكز التفكير فى أمريكا، على عمق فكره الإستراتيجى. وكان من أبرز خبراء معهد هوفر التابع لجامعة ستانفورد عندما التحق به عام 2013، بعد أن أقاله أوباما من موقعه على رأس القيادة الوسطى للجيش الأمريكى بسبب خلاف سياسى-إستراتيجى. فقد اعترض على المفاوضات التى قادت إلى اتفاق مع إيران قبل أن تبدأ، وطرح إستراتيجية بديلة تحقق توازنا فى السياسة الأمريكية وتحافظ على البلدان الصديقة لواشنطن فى المنطقة.
ولا يقل إسهام ماكماستر فى الفكر الإستراتيجى عن ماتيس، بل يزيد. فهو يتميز بمساره الأكاديمى الطويل الذى لا يقتصر على نيله درجة الدكتوراه من جامعة نورث كارولينا ـ تشايل هيل عن حرب فيتنام بعنوان «التقصير فى تأدية الواجب». فقد ابتعد أكثر من مرة لبعض الوقت عن مساره الميدانى، كما فعل مثلاً فى منتصف التسعينيات عندما حاضر فى ويست بوينت، وفى 2006 حين عمل كبير باحثين بالمعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية فى واشنطن.
ولذلك فعلى عكس ما يظنه البعض، يعد ماتيس وماكماستر أهم عناصر الترشيد فى إدارة ترامب الذى كان فى أمس الحاجة إلى مساعدين على هذا المستوى.
أرسل تعليقك