بقلم/د. وحيد عبدالمجيد
كثيرة هى المشاهد المهمة والمثيرة فى حفل «الأوسكار» التاسع والثمانين قبل أيام. لكن ثلاثة من هذه المشاهد تقدم دروساً إنسانية ملهمة فى مجال العلاقة الوثيقة بين الفن والسياسة والمجتمع والحياة فى عصرنا.
أولها المشهد الافتتاحى، والدرس المتضمن رسالة مقدم الحفل النجم التليفزيونى جيمى كيميل بشأن مواقف الرئيس الأمريكى ترامب تجاه الإعلام والأقليات فى الولايات المتحدة، والمسلمين فى العالم. فقد حذر من الانقسام الذى تثيره هذه المواقف داخل أمريكا وخارجها، ونبه إلى خطورة تأجيج الكراهية وخلق مشاعر عداء متبادل تنتج عنها عواقب وخيمة.
ولا ينفصل الدرس الثانى عن سابقه، لأن فوز ممثل مسلم وفيلم إيرانى بجائزتين من جوائز «الأوسكار» يؤكد رفض العنصرية والتفرقة والتمييز، وتدعيم التعايش والتواصل بين البشر. فقد أصبح ماهرشالاعلى أول مسلم يحصل على «الأوسكار»، بعد أن نال جائزة أفضل ممثل مساعد عن دوره فى فيلم «ضوء القمر».
وعندما نعرف أن هذا الممثل الذى اعتنق الإسلام عام 1994 أسود أيضاً، نصبح أمام مشهد يتحدى العنصرية بوضوح، ويؤكد صعوبة تغيير ثقافة التسامح فى البلاد التى قطعت شوطاً طويلاً فى ترسيخها. وهذا هو نفسه المعنى المتضمن فى حصول فيلم «ضوء القمر» على جائزة أفضل فيلم لأن فكرته وأحداثه تقوم على رفض العنصرية واضطهاد المختلفين.
وقل مثل ذلك عن فوز الفيلم الإيرانى «البائع» بجائزة أفضل فيلم أجنبى، الأمر الذى أتاح لمخرجه أصغر فرهاردى الفرصة لتوجيه رسالة قوية بشأن موقف الرئيس ترامب من المسلمين. لم يحضر فرهاردى الحفل احتجاجا على هذا الموقف. ولكن رسالته كانت قوية فى تعبيرها عن الأسف لبناء حواجز الكراهية بين الشعوب، ومناشدته صُناَّع السينما أن يستخدموا كاميراتهم لكسر الصور النمطية السلبية بين مختلف الأديان والأقوام.
أما الدرس الثالث، فهو فوز فيلم «الخوذات البيضاء» بجائزة أفضل فيلم وثائقى. ويشير اسم الفيلم إلى لون خوذات أعضاء فرق الدفاع المدنى الذين ضحى بعضهم بحياتهم لإنقاذ المدنيين من ويلات الحرب فى سوريا0 وكم كان ملهما التفاعل الذى حدث فى الحفل مع رسالة مدير منظمة «الخوذات البيضاء» رائد الصالح التى قرأها مخرج الفيلم أورلاندو فون، بما حملته من معان إنسانية راقية يقل مثلها عالمنا الراهن.
أرسل تعليقك