بقلم/ د. وحيد عبدالمجيد
مليون دولار فقط هو المبلغ الذى تبرع به الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من ماله الخاص لدعم جهود الإغاثة من كارثة الإعصار هارفى الذى ضرب تكساس، وتسببت العواصف والمياه الغزيرة الناتجة عنه فى تدمير عشرات آلاف المنازل.
مبلغ يبدو صغيراً سواء قياساً إلى ثروة ترامب الضخمة، أو بالنسبة إلى قيمة الخسائر الرهيبة المترتبة على الإعصار. ولا مجال لمقارنة هذا التبرع الصغير بفيض التبرعات التى يقدمها كبار أثرياء الولايات المتحدة طول الوقت للمؤسسات الخيرية والعلمية والتعليمية وغيرها.
قبل ثلاثة أسابيع فقط على إعلان البيت الأبيض تبرع ترامب بمليون دولار، تبرع بيل جيتس مؤسس شركة «مايكروسوفت» بمبلغ أربعة مليارات و600 مليون دولار لمؤسسات خيرية. يا له من فرق شاسع، علماً بأن هذا ليس التبرع الأول الذى يقدمه جيتس. تُقدَّر جملة تبرعاته المتوالية منذ عام 1994 بنحو 35 مليار دولار، سواء بشكل نقدى، أو فى صورة أسهم كان يملكها فى «مايكروسوفت».
وليس أثرياء كبار فى الولايات المتحدة وحدها هم الذين يتبرعون بمعظم ثرواتهم أو أجزاء كبيرة منها، رغم أن بعضهم يتصدرون القائمة فى هذا المجال، مثل مارك زوكر بيرج مؤسس شركة «فيس بوك»، ووارن بافى رئيس شركة بيركشير هاثاواى التى تملك مجموعة كبيرة متنوعة من الشركات التى تعمل فى مجالات مختلفة ومتنوعة.
فقد امتد تقليد التبرع بمبالغ كبيرة، والتنازل عن معظم الثروات، إلى دول أوروبية وبعض البلدان الآسيوية. ويزداد الإقبال على تقديم تبرعات «مليارية»، وليست«مليونية» فقط، للبحث العلمى، مثلما فعل رجل الأعمال النرويجى جيل ايجركه فى أول مايو الماضى. فقد تبرع بمليارى دولار لتمويل سفينة أبحاث علمية تهدف إلى تنظيف مياه المحيطات من البلاستيك، ووقَّع اتفاقاً لهذا الغرض مع منظمة «الصندوق العالمى للطبيعة» التى تعد إحدى أكبر المنظمات العاملة فى مجال الحفاظ على البيئة. وهذا فضلاً عن مئات المنح التى يُقدِّمها سنوياً لطلاب الدراسات العليا.
والأكيد أن الكثير من أصحاب الثروات الكبيرة فى مصر قرأوا أو سمعوا، أو عرفوا بطريقة ما، بعض هذه النماذج الملهمة التى لم تلهم إلا أقل القليل منهم، فجادوا بأقل القليل أيضا مما يملكون, وفى مجالات لا يحظى البحث العلمى بموقع متقدم فيها.
أرسل تعليقك