آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

موقف عربي من الأسد والإرهاب

اليمن اليوم-

موقف عربي من الأسد والإرهاب

بقلم/ خالد الدخيل

من يدعون، ومن يريدون محاربة الإرهاب كثر هذه الأيام، حتى الرئيس السوري بشار الأسد يقول إنه يحارب الإرهاب. القول شيء، والفعل شيء آخر. الأخطر من ذلك أن النية شيء والسياسة على الأرض شيء آخر، لذلك أن تكون ضد الإرهاب، وفي الوقت نفسه مع بقاء الأسد حاكماً لسورية، فأنت ضد المنطق السوي، حتى بمعيار المعادلة السياسية لا يستقيم هذا الموقف، فزمن حكم الأسد انقضى منذ بداية الثورة في سورية. الجميع يدرك أن الرجل لم يعد أكثر من ورقة تفاوضية في أيدي أطراف عدة تتناقض في توجهاتها وأهدافها، في معركة تجاوزت الأسد ونظامه. أبرز هذه الأطراف روسيا، وإيران، وشبكة من الميليشيات، سورية وأجنبية، والولايات المتحدة. من بين هذه الأطراف أيضاً دول عربية، أبرزها مصر والإمارات العربية المتحدة.

تمشياً مع واقع حال الأسد من يرى ضرورة بقائه ولا يملك الجرأة على إعلان هذا الموقف، لماذا يتبنى هذا الموقف أصلاً؟ ربما أن هناك شيئاً آخر إلى جانب محاربة الإرهاب، وفي هذا الجانب قد يكمن خطر تعمية المصالح. تقول روسيا مثلاً إنها تحارب الإرهاب، وفي سبيل هذا الهدف ترى ضرورة بقاء نظام بشار الأسد، مع التأكيد أنها ليست معنية بالدفاع عن بقاء شخص بعينه. الإمارات ومصر لا تعلنان أي موقف، وهذا بذاته موقف لكنه غير معلن. إيران والميليشيات التابعة لها هي الاستثناء هنا، إذ تعتبر أن بقاء الأسد ونظامه معاً هو الضمانة الوحيدة لصدقية الحرب على الإرهاب، واستمرارها إلـــى نــــهايـــتـــها المنـــشودة. الدول العربية الصامتة تعمل لتسويق موقفها في الكواليس، اللافت أن موقف هذه الدول من إيران، وهي تدعم الأسد في العلن، لا يبدو متسقاً تماماً.

هذه المواقف مجتمعة تنم عن حال بائسة من التداخلات والتناقضات والتقاطعات بين مصالح هذه الدول، وهي حالة تمد عمر الحرب الأهلية السورية، وعمر آلام الشعب السوري، لكن هذا لا يهم. قد تمد هذه الحالة أيضاً عمر بقاء الأسد كورقة تفاوضية، لكنها لن تعيده أو تبقيه رئيساً لسورية، ومع ذلك فإن هذه الدول متمسكة بمواقفها من دون أي اعتبار آخر.

بما أن الهدف هو محاربة الإرهاب، من الذي يمد عمر هذا الإرهاب في هذه الحالة؟ القوى الإرهابية فحسب؟ أم الدول المنخرطة في الحرب على هذه الظاهرة في الساحة السورية؟ تتفق هذه الدول على فائدة بقاء الأسد في هذه المرحلة، لكنها لا تستطيع الاتفاق على مصيره النهائي، ولا على صيغة النظام الذي يجب أن يحل محل نظامه، ألا يساهم هذا في إطالة أمد الحرب؟ ما عدا إيران، تتعامل هذه الدول مع مصير الأسد كورقة تفاوضية، لا تملك إستراتيجية واضحة، ولا هدفاً محدداً، الأنكى أنه في هذه المعمعة لا تبدو هذه الدول معنية أبداً بضرورة الاتفاق على أولوية مصير الشعب السوري ومصلحته، أي أن هذه الدول تنخرط في الحرب السورية، وتمارس العنف فيها، غالباً في شكل عشوائي، انطلاقاً مما تظن أنه مصالحها، وهذا تحديداً ما تفعله روسيا أكثر من غيرها. من هذه الزاوية، ما هو الفرق بين الدول وبين التنظيمات الإرهابية؟ خصوصاً إذا كانت الدول المنخرطة في المشهد السوري لا تستطيع أو لا تريد فرض بقاء الرئيس، ولا تستطيع الاتفاق على مخرج له، ولا حتى على مخرج لها هي قبل غيرها.

لندع الولايات المتحدة وروسيا جانباً باعتبار أن كلاً منهما دولة كبرى تتجاوز حساباتها ومصالحها سورية والمنطقة التي تنتمي إليها، هذا لا يبرر لأي منهما، خصوصاً روسيا بوتين التي ساهمت مع إيران كثيراً في تدمير سورية، وقتل الشعب السوري وتهجيره، لكن لهذا وللدور الأميركي حديثاً آخر. لنركز قليلاً على إيران والدول العربية التي ترى أن مصلحة القضاء على الإرهاب تقتضي، على الأقل في هذه المرحلة، بقاء الأسد. كما أشرت، لا تعلن الدول العربية موقفها كما تفعل إيران، وبالتالي لا نعرف تفاصيل مستندات موقفها ومسوغاته. ما الذي يقف حائلاً دون إعلان هذا الموقف؟ ربما أنها لا تجرؤ على أن تبدو في العلن متماهية في سياساتها ومصالحها مع نظام تلطخت سمعته بالدموية والإجرام، والتحالف مع دول أجنبية، وتنظيمات إرهابية (أجنبية أيضاً) ضد شعبه.

كل ما نعرفه أن هذه الدول تنطلق في رؤيتها من أن سقوط الأسد ونظامه يفسح المجال أمام التنظيمات الإرهابية للسيطرة على سورية، وبهذا تتفق مع إيران، وإن لأهداف يفترض أنها مختلفة. وتريد إيران بقاء بشار الأسد العلوي، وترسل ميليشيات شيعية لدعم بقائه. آخر ما تريده الدول العربية هو أن تبدو وكأنها تدعم هذه الإستراتيجية الطائفية، وهي ليست في هذا الوارد. الأسوأ أن تبدو كأنها تحارب الإرهـــــاب السنــي لمصــلحــة الإرهــاب الشيـعي، وهي لا تقصد ذلك. لكن مفاعيل سياساتها تصب في هذا الاتجاه، مع ذلك هي متمسكة بسياستها. لماذا؟ وما هي مصلحتها؟
في حال مصر هناك مخاوف من أن يؤدي سقوط الأسد إلى ثلاثة أمور يخشى من تداعياتها على المديين القريب والمتوسط: أن يضع حداً نهائياً لمرحلة حـــكم المـــؤسسة العــــسكريــــة فـــي سورية، ثانيـــاً أن يفتح المجال أمام الإخوان السوريين للوصول أو المشاركة في الحكم هناك، ثالثاً أن يعزز ذلك تراجع الدور المصري في المنطقة لمصلحة دول أخرى، مثل السعودية وتركيا، خصوصاً أن سقوط الأسد يعني على الأرجح، وتبعاً لكيفية حدوث ذلك، انهيار الدور الإيراني في منطقة الشام.

تشترك الإمارات مع مصر في الخشية من أن سقوط الأسد سيعطي دفعة إقليمية للإخوان، إلى جانب ما قد يؤدي إليه ذلك من مفاقمة تراجع الدور المصري، ومصر حليفها الرئيس في المنطقة. وتلوّح قطر هذه الأيام بالاقتراب من إيران رداً على مقاطعتها من أربع دول عربية، وإذا ما أقدمت على هذا الخيار فإنها ستضاعف هربها إلى الأمام، وتزيد تناقضات سياساتها، بما يعزز التهم الموجهة إليها، وبالتالي يزيد عزلتها العربية، فهي استدعت قوات تركية بعد انفجار أزمتها الأخيرة، وإذا ما قررت الاقتراب من إيران، فهذا يعني أن شعاراتها العربية تتصادم مع سياساتها على الأرض.

السؤال: هل يصب كل ذلك في مصلحة الحرب على الإرهاب؟ لا يبدو كذلك، فهو يخدم السياسة الإيرانية بأذرعها الإرهابية في المنطقة، فضلاً عن أن بقاء الأسد هدف مكلف وبعيد المنال. وحتى مع افتراض إمكانية بقائه، فهو بذاته سبب رئيسي لنمو هذه الظاهرة المدمرة وتفاقمها، الأمر الذي سيبقي المنطقة في دائرة حلقة مفرغة من العنف يتغذى منها الإرهاب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موقف عربي من الأسد والإرهاب موقف عربي من الأسد والإرهاب



GMT 20:25 2021 الخميس ,01 تموز / يوليو

مرافَعةُ البطاركة أمام البابا

GMT 11:21 2021 الثلاثاء ,29 حزيران / يونيو

هل يبدأتصويب بوصلة المسيحيين في لقاء الفاتيكان؟

GMT 13:21 2021 السبت ,26 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 14:31 2021 الإثنين ,21 حزيران / يونيو

الحِيادُ هذا اللَقاحُ العجائبيُّ

GMT 23:33 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

أخبار من اسرائيل - ١

GMT 16:22 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

أخبار عن بايدن وحلف الناتو والصين

GMT 17:50 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

المساعدات الخارجية البريطانية

GMT 07:38 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

أعداء المسلمين
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen