آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

حسن نصر الله بين الكويت وعرسال

اليمن اليوم-

حسن نصر الله بين الكويت وعرسال

بقلم/ خالد الدخيل

كانت صورة مقلقة جداً للأمين العام لـ «حزب الله» وسيد المقاومة حسن نصرالله كما يصفه أنصاره. وهي صورة أن الحزب حقق، كما يقول هو ومشايعوه اللبنانيون، نصراً وطنياً (أي ليس مذهبياً) على الإرهاب في منطقة عرسال، شمال شرقي لبنان. في اللحظة ذاتها صدر في الكويت (على بعد آلاف الكيلومترات من عرسال) حكم قضائي في ما بات يعرف بخلية العبدلي وتورط أعضائها في التخطيط لأعمال إرهابية، وأن «حزب الله» شارك في التخطيط لهذه الخلية وتدريب أعضائها، وإمدادهم بالسلاح والمتفجرات لتنفيذ تلك الأعمال. وأن كل ذلك كان يتم بتوجيه وتحت إشراف الحكومة الإيرانية. هذا ما يقوله نص الفقرة (ب) من مادة الاتهام الأول للحكم بأن أعضاء الخلية «سعوا لدى دولة أجنبية، هي جمهورية إيران الإسلامية»، وتخابروا معها ومع جماعة «حزب الله» التي تعمل لمصلحتها على القيام بأعمال عدائية هي إشاعة الذعر والفوضى في دولة الكويت».

ما أقلق نصرالله أن حكم القضاء الكويتي زاد في تشويه صورة «حزب الله» أمام الرأي العام، وفرض أكثر من علامة استفهام حول احتفاله بالانتصار على الإرهاب في عرسال، والانخراط في اللحظة ذاتها بالتخطيط لتنفيذ أعمال إرهابية في الكويت بالتآمر مع إيران. لذلك سارع بتناول هذه المسألة في خطابه الأخير عن معركة عرسال. تحدث فيه عن أبوية أمير الكويت (كذا)، وأنه يقدر ويثمن موقف الكويت من لبنان. وبالتالي عبر عن حرصه على علاقة طيبة بين الدولتين والشعبين الكويتي واللبناني. ماذا عن الحكم القضائي؟ تجنب نصر الله الدخول في تفاصيل الحكم وحيثياته، مكتفياً بالمطالبة باستعداد حزبه لمناقشة أي التباس مع الكويتيين عبر ما سماه بالقنوات الديبلوماسية. يريد الأمين العام بقوله هذا التفاوض مع الكويت الدولة بمعزل من الدولة اللبنانية، مؤكداً ما يقال عن أن حزبه يتصرف باعتباره دولة داخل الدولة. اللافت حقاً أن نصر الله لم يشجب أو يستنكر في كلمته المحاولة الإرهابية لخلية العبدلي، وتفادى تماماً أي ذكر لإيران، كما تفادى أي نفي مباشر وقاطع لتورط حزبه مع الخلية. كل ما في الأمر بالنسبة إليه أن هناك لبساً يحتاج إلى تفاهم. ثم أضاف بشكل لافت أيضاً أن لديه معطيات كثيرة عن المتورطين في الخلية، وأنه قد يضطر للحديث عنها لاحقاً. كأنه هنا يوجه تهديداً مبطناً وإن بلغة هادئة. والأهم من ذلك أن معرفته الواسعة، كما يقول، وهو اللبناني عن خلية إرهابية كويتية لا تستقيم مع قوله إن ما جاء في الحكم القضائي عن تورط حزبه ليس صحيحاً.

حديث الأمين العام المراوغ هنا ليس جديداً. هو الحديث نفسه الذي كان ولا يزال يستخدمه عن دور حزبه في المنطقة، خصوصاً في العراق وسورية، وعلاقة ذلك بالاستراتيجية الإيرانية. ولعل من بين أكثر ما أزعج نصرالله في حكم القضاء الكويتي ليس توقيته فحسب، بل كشفه قضائياً لزيف ما يردده عن أن حزبه مستقل عن إيران وسياساتها، وأن هذا الحزب ليس أكثر من ذراع تتحرك بحسب توجيهات وأهداف القيادة الإيرانية. وهذا في الحقيقة ما يؤكده نصرالله مراراً، بالتوازي مع دعوى الاستقلال، من أن إيران هي مصدر تمويل حزبه وتسليحه، وأنه يفتخر بالعمل تحت راية ولاية الفقيه هناك، وليس تحت راية لبنان الذي ينتمي إليه ويحمل هويته.

في السياق ذاته، هناك سؤال يفرضه حكم القضاء الكويتي ويزعج الأمين العام: هل يمكن الجمع بين محاربة الإرهاب في الشام، والتخطيط له في الخليج العربي؟ زاوية النظر مهمة للإجابة عن السؤال. من زاوية قيادة الحزب السؤال مغلوط أصلاً. فقتال جبهة النصرة في عرسال هو قتال ضد الإرهاب. وما يقال عن انخراط الحزب في التخطيط لزعزعة الاستقرار في دول مثل الكويت ليس إرهاباً كما يبدو للبعض، وإنما جزء من الجهاد تحت راية ولاية الفقيه. مثله في ذلك مثل قتال الحزب في سورية دفاعاً النظام، أو في العراق مع الحشد الشعبي، أو في اليمن مع الحوثيين. لاحظ الهوية المذهبية الواحدة لجميع من يتحالف معهم الحزب، ويقاتل معهم أو دفاعاً عنهم. هو لا يختلف في هذه الرؤية عن تنظيم الدولة (داعش)، أو النصرة مثلاً. فالمشترك بينه كتنظيم شيعي مع التنظيمات السنية المشابهة له هو الرؤية المذهبية للصراع والحروب في هذه المرحلة. وهو ما يؤكد حقيقة أن الطائفية هي المصدر الذي يغذي الإرهاب ويشحنه في المنطقة. الفرق أن هناك رؤية شيعية وأخرى سنية للصراع، لكن كلاهما رؤية دينية مذهبية. هناك فرق آخر، وهو أن التنظيمات الشيعية تعمل تحت مظلة دولة واحدة هي إيران تتفق معها في المذهب. في حين أن التنظيمات السنية متفلتة ولا راعي لها، لذلك تستهدف الدول السنية، وأكثر قابلية للانقسام والصدام في ما بينها.

لكن لماذا يصر حزب الله، ومن خلفه إيران، على استهداف الكويت أكثر من غيرها؟ لا يحاول استهداف عمان مثلاً، ولا الإمارات أو قطر. يزيد من أهمية السؤال أن الكويت تحرص على الاحتفاظ بعلاقة ودية مع إيران، وآخر الشواهد على ذلك أن الشيخ صباح الأحمد، حتى بعد صدور الحكم الأخير، بعث من يمثله في الاحتفال بتنصيب الرئيس روحاني لولايته الثانية. كما تتفادى الكويت الصدام مع «حزب الله» على رغم أن تاريخه الإرهابي معها يعود لثمانينات القرن الماضي. فعماد مغنية، أبرز قادة «حزب الله»، هو من تولى قيادة عملية خطف طائرة الجابرية التابعة للخطوط الكويتية عام 1988. والحزب متهم بالتورط في محاولة اغتيال أمير الكويت الراحل جابر الأحمد. وقبل خلية العبدلي، هناك خلايا الحزب متهم أنه وراءها. والآن خلية العبدلي.

ربما تكمن الإجابة في موقع الكويت كما يراه الإيرانيون: دولة صغيرة تقع بين السعودية والعراق وإيران. تتميز عن غيرها بحراك سياسي نشط، وخلافات مزمنة بين الحكومة والبرلمان. القوى الشيعية، المتعاطف منها والموالي لإيران، اكتسبت في هذا الجو شرعية لا تتوافر لغيرها. بهذه المواصفات تمثل الكويت بالنسبة إلى إيران ثغرة تسمح لهم بتصعيد تناقضات اللعبة السياسية فيها لتفجير الاستقرار في المنطقة في محاولة للضغط على السعودية شرقاً تكاملاً مع محاولتهم جنوباً في اليمن، ولما هو أكثر من ذلك. التمسك بسياسة التوازنات الإقليمية في هذه المسألة وتفادي الصدام يفهمان في طهران على أنهما علامة انقسام، وضعف يغري بمواصلة لعبة الخلايا الإرهابية. هذا ما تلمح إليه كلمة نصرالله الأخيرة. من ناحيتها تنظر دول مجلس التعاون للموضوع، خصوصاً السعودية، على أنه يخصها جميعاً، ما يتطلب خطة سياسية وعسكرية للتعامل معه، هل تسمح الكويت بالتعامل مع القضية على هذا المستوى، أم أن السؤال في مكان آخر؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حسن نصر الله بين الكويت وعرسال حسن نصر الله بين الكويت وعرسال



GMT 01:27 2017 السبت ,28 تشرين الأول / أكتوبر

(مع "الرأي الآخر" للقراء)

GMT 05:40 2017 الخميس ,18 أيار / مايو

(العقوبات الاميركية ضد لبنان كله)

GMT 06:14 2017 الثلاثاء ,16 أيار / مايو

(الكل يقرر نيابة عن السوريين)

GMT 00:35 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

«حزب الله»: شيعة لبنان أم إيران؟

GMT 08:05 2017 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

سحب «القوات اللبنانية» من سورية!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen