بقلم : منى بوسمرة
مهما قيل في المرأة، فإن قيمة المرأة الإنسانية تظل مضاعفة، فهي أولاً وأخيراً التي تُعِدّ الأجيال للمستقبل ذكوراً وإناثاً، وما من بلد للمرأة فيه مكانتها الإنسانية والاجتماعية وإسهاماتها السياسية والاقتصادية والمهنية، إلا وكان لهذا البلد مكانته المميزة بين الدول، وبكل بساطة يمكن قراءة واقع أي شعب عبر استطلاع واقع المرأة فيه، إذ لا يمكن لامرأة مضطهدة بلا حقوق أن ترسم مستقبلاً لذلك الشعب.الرجل ذاته لا يمكن أن يكون صاحب مكانة أو مؤهلاً أو صاحب صفات حسنة، كريماً أو شجاعاً، دون تلك الحاضنة الوجدانية التي ترسم شخصيته، أمه أولاً، ثم زوجته، ولربما ابنته، فهذه الروح العاطفية والإنسانية التي تصب كل طاقتها لمن تحب ليست روحاً عادية، بل تعد روحاً صانعة للحياة والمستقبل بأبهى الصور وأنقاها.
اليوم، يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي، وفيه يتم الحديث عن المرأة وحياتها وظروفها ومنجزاتها في دول العالم، حيث تواجه المرأة بيئات متناقضة، ما بين بلد وآخر، دول منحتها حقوقها الطبيعية، ودول سلبتها حقوقها، أو منحتها حقوقاً أقل.
ومن المؤلم حقاً أن تضطر المرأة إلى خوض معارك كثيرة في هذا العالم، لإقناع أطراف كثيرة أن هذه الحقوق طبيعية، ويجب الحصول عليها، لكن العالم في بعض دوله لا يفهم هذه المطالبات إلا في إطار التنافس الوهمي بين الرجل والمرأة، وهو تنافس غير منتج، ويتسبب كثيراً في تأخر الشعوب.
الإمارات هنا، تقدّم نموذجاً مختلفاً، ولربما هي من الدول العربية والإسلامية القليلة التي تخصص يوماً للمرأة الإماراتية، بتوجيه من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، حيث تم الاحتفال بدورته الأولى في 28 أغسطس 2015 تزامناً مع ذكرى تأسيس الاتحاد النسائي العام في هذا اليوم من عام 1975، وفي دورته الأولى، تم الاحتفاء بالمرأة الإماراتية المنضوية في صفوف القوات المسلحة تقديراً وتثميناً لدورها البطولي وتضحياتها وعطاءاتها النبيلة والشجاعة في هذا الميدان.
لم تقف الإمارات عند حدود الاحتفالات، ولا عند العنوان الذي يقول إن للمرأة خلال العام يوماً واحداً خلال العام، بل اتخذت الدولة إجراءات كثيرة، منحت فيها المرأة حقوقها وأكثر، ولعلنا لا نكتفي هنا بتعداد مساهمات المرأة في المواقع السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، إضافة إلى منحها كل الفرص والحقوق في مجالي التعليم والصحة، وغير ذلك.
بل نتحدث فعلياً عن الروح التي بثتها القيادة والدولة، من حيث اعتبار المرأة شريكاً أساسياً في التنمية والحياة، وهذه الشراكة لها تأثير عميق في الأجيال في الإمارات، من حيث كونها تعزز القيم الإيجابية الأساسية التي يتسم بها مجتمع الإمارات، وتجعل طاقة المرأة تفيض سعادة وقدرة من أجل التغيير الإيجابي.إن التطلع إلى وضع المرأة في العالم العربي أمر أساسي، من أجل تحفيز التغيير على كل المستويات، وهذا أمر ينطبق على شعوب أخرى، فالشراكة والمساواة في الحياة في كل مكان لا بد منهما من أجل تعديل أي اختلالات، خصوصاً أن هذه الاختلالات تترك أثراً سلبياً جداً على مجمل أي مجتمع، ولا تبقى في إطار محدود داخل البيوت أو مواقع العمل.في يوم المرأة العالمي، نجدد الثقة بالقاعدة التي تقول إن المرأة التي تعيش حياتها دون انتقاص حقوقها تعني ببساطة مجتمعات سليمة وقوية وذات مستقبل زاهر.
المصدر : جريدة البيان
أرسل تعليقك