بقلم - منى بوسمرة
مشهد الأمس كان وطنياً بامتياز، تقدمت فيه الإمارات خطوة إضافية وكبيرة نحو التمكين السياسي، ضمن رؤية واضحة في التنفيذ من أجل تعظيم المشاركة الشعبية في صنع القرار، عبر تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي، وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للسلطة التنفيذية.
المتابع لمسيرة الانتخابات منذ أعلن الشيخ خليفة في عام 2005 الانتقال من مرحلة التأسيس إلى مرحلة التمكين، ومنذ الدورة الأولى للانتخابات في 2006 حتى الدورة الرابعة التي جرت بالأمس، يدرك بسهولة مدى تصاعد التفاعل الشعبي الذي تجلّى في أبهى صوره أمام صناديق الانتخابات أمس، فمن 6700 لهم حق الانتخاب والترشح، تدرّج هذا العدد ليتضاعف مئات المرات على مدى الدورات الانتخابية الأربع، ليصل إلى 135.308 في 2011، وإلى 224.281 عضواً في 2015، وإلى 337.738 عضواً في 2019، ما يُبرز الإيمان القوي للقيادة بالتدرّج المدروس والمنتظم الذي ينسج تجربة برلمانية خاصة تناسب مجتمعنا وثقافته، بحيث يكون المجلس الوطني قادراً على التفاعل والالتصاق بقضايا مجتمعه من مقاصد وطنية ترسّخ نهج الشورى الذي أنتجه تراثنا.
انتخابات الإمارات، التي حققت فيها المرأة مشاركة زادت على النصف، تقدّم رسالة إلى الداخل والخارج، بقدرة أي دولة على صناعة نموذجها، ليس في الاقتصاد والتجارة والإدارة وغيرها، بل في بناء نظامها السياسي الذي يخدم أهدافها ويعكس إرادة شعبها، خاصة بعد أن أثبتت تجارب البعض فشل استيراد النظام السياسي ومحاولة فرضه، فما زلنا نرى نتائج مثل تلك التجارب التي قادت إلى الفشل، ولم تعكس رغبات وإرادة شعوبها، بل إرادة المصدّر لذلك النظام.
النجاح الذي حققته الانتخابات تجاوز التنظيم والدقة اللذين أشرفت عليهما لجنة الانتخابات، إلى تعظيم الدور البرلماني في الإمارات بالمشاركة التي تبني، إذ زادت المسؤولية على الأعضاء الجدد الذين نبارك لهم فوزهم في رصد هموم وقضايا من يمثلونهم الذين وضعوا ثقتهم فيهم، فقد بدأ العمل من اليوم وبالتحضير لنقل تلك القضايا إلى القبة البرلمانية، والإضاءة عليها، في سبيل وضع الحلول والمقاربات التي تليق بشعب الإمارات وقيادته.
انتهت الحملات والدعاية الانتخابية، ونأمل أن نرى الفائزين بعضوية المجلس الوطني على قدر وعودهم، وجدولتها حسب الأولويات بما يخدم الأجندة الوطنية ويرتقي بدور المجلس الوطني، والوعي التام بمستوى التحديات الداخلية والخارجية، وأن تبقى خدمة المواطن هي الهدف، وفاءً له وللوطن والقيادة، كي نقدم للعالم الصورة التي تليق بوجه الإمارات الحضاري وحيويتها.
الفائز الأول بالنتائج هو الوطن الذي يلتف الجميع حول رايته، لتحقيق التطور والتنمية الشاملة التي تؤدي إلى تحقيق رؤية القيادة بالتميز والريادة، وبناء حكومة المستقبل، وتلبية تطلعات المواطن بما يصون هويته ويحمي ثوابته، ويحقق التناسق والتناغم بين الحكومة والمجلس الوطني، باعتباره ممثلاً لشعب الإمارات.
الإمارات تفتخر، اليوم، بنجاح هذه المرحلة الجديدة من التمكين السياسي، والمشاركة الشعبية الأوسع في القرار، ونحن على ثقة بأن وطناً مثل الإمارات يصنع المستقبل على موعد مع مشاركة شعبية أكبر في الدورة المقبلة للانتخابات، لأننا نحظى بقيادة إن وعدت أوفت وفعلت، حتى يكون الوطن أجمل، وهو ما قالته ضمناً كلمات محمد بن زايد وهو يبارك للفائزين، باعتبار هذه الدورة خطوة جديدة تتبعها خطوات.
أرسل تعليقك