بقلم : جمال خاشقجي
مطلب اليوم أتوقع أن يجد رواجاً شعبياً، وبخاصة من الشباب، وهو موجود ضمن «الرؤية» الرسمية بالصيغة الآتية: «إنشاء أندية الهواة والأندية الاجتماعية والثقافية»، وجعل لها برنامجاً سمي «داعم».
المواطن يريد شيئاً كهذا ومستعد أن يكون «داعماً» لمثل هذا المشروع الطموح، بل سيقبل حتى ما دون النادي، أتمنى على الدولة توفير مجرد قطعة أرض معتبرة تكفي لإنشاء ملعب كرة قدم في كل حي، إذ سيحدث فرقاً كبيراً، وسيكون جيداً لو أسهمت الدولة أيضاً في تجهيز الملعب، ولكن حتى لو لم تفعل واكتفت بتوفير بضعة عشر ألف متر مربع من الأرض فسيكون إنجازاً عظيماً وخبراً مفرحاً لكل سكان الحي، فالأرض هي الأعلى كلفة في المشروع المرجو، نظراً إلى ارتفاع أسعارها الجنوني وغير المبرر، بعد ذلك، سيتكفل أهل الحي بتجهيز الملعب وتطوير الموقع وإضافة شتى الخدمات إليه، ليكون نواة للهدف الذي تعد به «الرؤية»، وهيئة الترفيه، لتأسيس نوادٍ للهواة.
اختنقت الأحياء بالمدن السعودية، بسبب عدم التزام مخططي الأراضي بقواعد تخطيط الأراضي الخام، والاستيلاء على المواقع المخصصة للخدمات والحدائق، بل حتى المساجد، ثم بسبب الاحتكار باتت أسعار الأراضي مرتفعة جداً، وهو ما يجعل من غير المنطقي ترك أرض «ثمينة» لمجرد شباب يلعبون عليها كرة القدم، هذا منطق الرأسمالي صاحب الأرض، ولكن لا يجوز أن يكون هذا منطق الدولة الحريصة على مواطنيها، وبخاصة الشباب منهم، لذلك يجب أن تتدخل. فتشجيع الرياضة أحد أهدافها، وهي أيضاً باب من أبواب الترفيه الذي تعد به في «الرؤية»، وقبل ذلك كله هو الأمر الطبيعي في أي حي، والمواطن يحتاج إلى تلك المساحة الحرة، التي تصلح ملعب كرة قدم، أو ساحة لاحتفالات العيد، أو حتى احتفالات أهل الحي، يستطيعون بعمل تطوعي إضافة أنشطة أخرى، مثل مضمار هرولة، أو ملعب كرة سلة، وربما يخططون لمسرح ثقافي وغنائي في الأعياد أو المناسبات الوطنية. أتذكر مسرح حي التاجوري بالمدينة المنورة قبل عقود، إذ يتشارك السكان بالمال والعمل، فيقيمون مسرحاً فوق براميل الماء (بالطبع يملؤونها ماء لتثبيتها) ثم تفرش عليها عوارض خشبية لتكون أرضاً للمسرح، وفي ثاني أيام العيد تُعرض عليها مسرحيات تاريخية وشعر وخطب، ويستعدون لها طوال الشهر، وتليها حفلة غنائية ساهرة.
نحتاج إلى 50 ملعباً على الأقل لكرة القدم، ومثلها في الرياض والدمام، ومن دون هذا الرقم في بقية المدن، ليكن الهدف تخصيص إنشاء 500 ملعب في نهاية 2017، فهذا ممكن، ليست إستادات رياضية لترصد لها بلايين، كل ما نحتاج إليه، بصفتنا مواطنين، قطعة أرض بصك محكم، يمتلكه وقف الـ500 ملعب، وسيجهزها المواطن من جيبه وتبرعات أهل الحي، وسيكلف المشروع مئات الملايين فقط قيمة للأرض، ربما بليون ريال أو أكثر، وربما دون ذلك بكثير، فلعل في حوزة الدولة أراضٍ تستطيع تخصيصها لهذا المشروع من دون كلفة تذكر، ولكن ستبقى تلك الأموال أقل بكثير مما خصص للنهوض بالرياضة خلال السنوات الماضية من دون عائد مرضٍ.
أما هذه الملايين المباركة، فإنني أضمن أنها كفيلة بتغيير مستقبل الرياضة بعد 10 سنوات بالمملكة. وفروا الملاعب، واتركوا الشباب يلعبون، ولجنة من أهالي الحي يخططون ويشرفون، وستحصد المملكة نتائج رائعة في ثالث دورة أولمبية بعد صدور أمر الـ500 ملعب.
أرسل تعليقك