آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

القرارات فوق الصعبة

اليمن اليوم-

القرارات فوق الصعبة

بقلم - عبد المنعم سعيد

اتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسى الكثير من القرارات الصعبة التى وجلت منها قيادات سابقة، فلم يكن هناك خلاف فيما سبق على أنه لا يجوز فى الدولة أن يكون هناك تعدد فى أسعار عملتها، ولا أن يذهب الدعم إلى الأغنياء ولا يأتى إلى الفقراء، وأن الموازنة العامة لا يمكنها تحمل استمرار الانتفاخ فى دعم الطاقة، وأن القطاع العام هو سلة مثقوبة لنفقات متزايدة وعوائد فقيرة، وأن التنمية فى البلاد غير متكافئة بين المناطق المختلفة. القائمة كانت طويلة، ولكن القرارات بشأنها كانت «متأنية» خوفاً من غضب الرأى العام، الذى غضب فى النهاية على أى حال دون شجاعة تباشر ما الذى سوف يفعله الغاضبون فى كل هذه القضايا.

ما حدث خلال السنوات القليلة الماضية أن القرارات جرى اتخاذها، ولم يكن أقل من ذلك أهمية أنه جرى تنفيذها فى عهد وزارات المهندس إبراهيم محلب والمهندس شريف إسماعيل والدكتور مصطفى مدبولى، تغيرت الوزارات ولكن المسيرة كانت واحدة، ونتائجها ظلت إيجابية، ومؤشراتها ترى المؤسسات المالية الدولية أنها مبشرة بعد أن أصبح معدل النمو فى العام المالى الأخير 5.3%، والمرجح أنه سوف يصل إلى 6% فى العام المالى 2020. ومع ذلك، وفى بلد حجم سكانه تجاوز 100 مليون، وفيه 27% من الفقراء، و25% من الأميين، ويوجد فيه عشرات من الشركات الخاسرة، فإن إصدار القرارات الصعبة وحدها، وتنفيذها وبسرعة، لا يكفى لأن المجتمع لابد له من اتخاذ قرارات فوق الصعبة!.

مفتاح البحث عن «القرارات فوق الصعبة» كان فى فيديو شاهدته من مدينة بوسطن الأمريكية يوم افتتاح حزمة كبيرة من مشروعات النقل، من طرق وجسور ومحاور، عن طريق تكنولوجيا «الفيديو كونفرانس». كان الجمهور سعيداً، ووزير النقل مزهواً، والمشهد فى عمومه فيه الكثير من البهجة والسرور بحدوث إنجازات حقيقية، حتى كانت هناك فرصة لكى يسأل الرئيس واحداً من السادة المحافظين عن حال الطرق فى محافظته. فما كان من السيد المحافظ إلا أن بدأ مرة أخرى فى سرد ما كان يسرده من قبل، وفصّل فيه متحدثاً عن «المشروعات المستقبلية» الواردة فى الخطة. لم يكن هناك شك فيما كان يقوله المسؤول الكبير، ولكن السؤال ظل معلقاً فوق الرؤوس حول حال الطرق فى المحافظة المعنية، فما كان من الرئيس إلا أن طلب الحديث مع واحد من الشباب وسأله نفس السؤال، وبعد تردد قليل قال الشاب إن الطرق فى المحافظة «متهالكة»!.

شرح الرئيس المسألة بوضوح، فالدولة قامت بالفعل بمشروع عملاق للطرق شمل الجمهورية كلها، ولكن ذلك لم يشمل الطرق الداخلية فى المحافظات لأنه ببساطة لا توجد موارد كافية لذلك، ولابد أنه على طرف ما أن يبحث عن كيفية تمويل إصلاح هذه الطرق. كان ما فعلته الدولة منطقياً، فإصلاح منظومة الطرق فى أى دولة يبدأ بشبكة الطرق الواسعة التى تربط بين أجزاء الدولة وبعضها البعض لأن ذلك مهم للاقتصاد، وللأمن القومى أيضاً.

كانت هذه هى مهمة الدولة فى اتخاذ القرارات الصعبة أما القرارات فوق الصعبة فإنها مهمة المجتمع، وربما كانت هى الفارق ما بين الدولة النامية والدولة المتقدمة. فى هذه الأخيرة، فإن مجتمع كل منطقة أو محافظة أو محلية من المحليات هو الذى عليه حشد الموارد اللازمة المالية والبشرية لاستكمال ما لم يُستكمل، وتعويض ما لم يُعوض، ومضاعفة معدلات النمو فوق معدلاتها الحالية، وفى حالتنا لأن المعدل الحالى ليس كافياً للتعامل مع معدل النمو السكانى، والاحتياجات الخاصة بمجتمع متقدم. وفى الحقيقة فإن الحديث عن الطرق ليس هو كل ما يمكن الحديث عنه فى هذا المجال، وإنما هو حديث كل المجالات فى التعليم والصحة والصناعة والزراعة والخدمات، فما لم تعرف كل وحدة محلية كيف تتخذ القرارات فوق الصعبة التى تحشد مواردها فإن الصورة سوف تظل دوماً ناقصة.

ومنذ عام 2003 فإننى أذهب سنوياً إلى ولاية «ماساشوستس» الأمريكية، وفى أول الأمر كانت هناك «كارتة» تأخذ الأموال كل بضعة كيلومترات، كانت المحليات فى المدن والقرى تبحث عن موارد تصون بها الطرق وتفتح المدارس. هذا العام اختفت كل محطات تحصيل رسوم الطريق، أصبحت الولاية كلها من الغنى بحيث لم تعد هناك حاجة للرسوم!. القرار فوق الصعب الكبير هو كيف نجعل المحافظات المصرية تحشد مواردها؟

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القرارات فوق الصعبة القرارات فوق الصعبة



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen