آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

ليس أدباً

اليمن اليوم-

ليس أدباً

بقلم - سمير عطا الله

ظلّ الراحل جلال أمين طوال عمره في مربع الاعتراض. ليس أبداً من باب: خالف تُعرَف، وإنما لقناعته العلمية بأن الأكثرية ليست بالضرورة على حق في جميع الأحوال، ولأن الانقياد الفكري هو شطط فكري أيضاً. ومما يُذكَرُ له في هذا الباب، عندما حدثت موجة من المديح والإعجاب في مصر والعالم العربي بالقاص المغربي الشهير محمد شكري، وذهب البعض آنذاك إلى مقارنة بين شكري ورائع السودان الطيب صالح، ثار غضب الدكتور أمين على المادحين والممدوح، وكتب (1999) في «وجهات نظر» مستنكراً رواية «الخبز الحافي»، وامتداح رئيس تحرير المجلة سلامة أحمد سلامة لها، ودعوته إلى تدريسها في المنهاج التربوي. وقال إن ترجمة الكتاب إلى عدد من اللغات لا يبرئه من العيب، ولا يحوّل نقائصه الكثيرة إلى مزايا «بل نحن نعرف أن مثل هذه الكتب يمكن أن تباع منها ألوف كثيرة، وأن تترجم إلى لغات كثيرة». ورأى أن السبب في ذلك هو الإباحية الخشنة، وليس المستوى الروائي. واستغرب أن يُصنِّف مفكرون مثل الدكتور سعد الدين إبراهيم «الخبز الحافي» على أنه من الفنون والآداب الليبرالية، فهي ليست سوى عرضٍ حاد لطفولةٍ مليئةٍ بالشظف والعذاب والانفلات الأخلاقي. ويستخدم الدكتور أمين أوصافاً تتجاوز «البشاعة»، ليعبر عن امتعاضه من خلو الرواية من أي شعور بالندم، أو أي تراجعٍ عن حالةٍ مزريةٍ حفلت بالسلوك الوضيع معظم الأحيان.

يفترض أن جلال أمين كان في الغالب مع حرية الرأي والأدب الطليعي والرواية الواقعية، لكنه وجد أن محمد شكري لا ينتمي إلى أي شيء من هذا، وأن أعماله خالية من أي إبداع سوى الرسم الفظ لطفولة مأساوية بين مقابر طنجة وعلى شواطئها.

يشعر الدكتور أمين بصدمةٍ عميقةٍ من البرود الغريب الذي يقابل به محمد شكري البؤس الذي يتحدّث عنه أو يحاول وصفه، ويقول إن وصف البؤس عنده لا يجعل الرواية دفاعاً عن البائسين، بل هو ما إن يتحدثّ عن مشردةٍ (يستخدم تعبيراً آخر) حتى يبدأ في وصف جسدها. ويتحدّث عن ظلم والده وقسوته ومعاملته للعائلة على نحوٍ أشد قساوة من سلوك الأب، فهو لا يترك أمامه مجالاً لأي صفح، ولا يمنح هذا الصفح لأي من أشخاص الكتاب، بمن فيهم هو نفسه.

على أن الخطأ الأكبر بالنسبة إلى هذا الناقد الباحث أبداً عن الإنسان والأخلاقيات هو مقارنة «الخبز الحافي» بـ«موسم الهجرة إلى الشمال»؛ كان يمكن في أسوأ الحالات امتداح أدب محمد شكري من دون الجمع بينه وبين ألمعيات الطيب صالح. رحم الله الدكتور جلال أمين، لم يكن يرى إعوجاجاً إلا وحاول تقويمه.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس أدباً ليس أدباً



GMT 04:44 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وكيل أميركا في سوريا

GMT 04:58 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عيون وآذان (أهم أخبار إدارة ترامب)

GMT 04:52 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

إنصافا للدبلوماسية المصرية

GMT 04:38 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

موقف قبلي!!

GMT 04:36 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

خفض الأسعار والتضخم
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:44 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

أجواء عذبة عاطفياً خلال الشهر

GMT 01:05 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة هند صبري تكشف تفاصيل إنتاجها لأفلام الإنترنت

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

روما يهزم برشلونة الثلاثاء عن طريق اللاعب دجيكو

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 04:25 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

كاتي بيري تلفت الأنظار إلى فستانها البني الأنيق

GMT 21:10 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

يوفنتوس سيجاري عرض أرسنال الخيالي لضم مبابي

GMT 01:57 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تظهر في عيد ميلاد توأم زينة وتخطف الأضواء

GMT 15:40 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

دينا راغب بإطلالة فرعونية تتخطى 150 ألف دولار

GMT 03:21 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تستعمل الأغاني بدلًا من أصوات المحركات المزعجة

GMT 21:31 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تحدث ميزات جديدة للمستخدمين في15 دولة العالم العربي
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen