آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

عصا الراعي وحربة المقاتل

اليمن اليوم-

عصا الراعي وحربة المقاتل

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كان ألبرتو مورافيا من أهمّ روائيي القرن العشرين. وبسبب موقفه الشجاع من القضية الفلسطينية، وصداقاته مع الأدباء العرب، نُقلت أعماله عن الإيطالية إلى العربية على نطاق واسع. غير أن انتشار رواياته أغفلنا عن مورافيا الأكثر روعة. ذلك الرحّالة الذي طفق يتأمّل مجاهل الأرض ومعالمها. وقد كشف لنا هذه الشخصية فيه، الرسام نبيل المهايني، الذي عاش في روما، وربطته مودّة وثيقة بالروائي. وقد نقل المهايني (دار المدى) إلى العربية، في نصّ جميل، واحدة من ثلاث رحلات إلى أفريقيا «إلى أي قبيلة تنتمي».
إنها لعبة الروائي والرحّالة. البحث في المشهد عن التفاصيل الخفية ومعانيها، ووضع الأسلوب الممتع في خدمة الموضوع. هكذا يصف طفلاً أفريقياً: «كان عارياً تماماً إلا من خيط من الخرز الأزرق، يحيط بخصره ويتدلّى بين ساقيه كأنه سروال داخلي صغير». عشق الأفارقة للألوان الزاهية. وكان يُقال إن المهاجرين اللبنانيين إلى القارّة خدعوا أهلها، فكانوا يعطونهم الخرز لقاء الذهب. لكن هنا يقول لنا مورافيا إن الذي بدأ هذه الخدعة كان تجّار البندقية في القرن الثامن عشر، أي قبل الهجرة اللبنانية إلى هناك بزمن طويل.
يرى مورافيا جنّة الألوان في السوق الأفريقية «قلب المدن الأفريقية التي تتجاوز وظائفها الحقيقية مسألة البيع والشراء، لأنه من دون السوق، تنطفئ الحياة الإنسانية في أفريقيا، وتعود إلى مرحلة الوحشية. إنه معرض وفي الوقت نفسه تجمّع ديني وسياسي، لقاء سحري، تبادل ثقافي وانفلات عشقي». يرى مورافيا الأفارقة في حركة دائمة «فرادى أو جماعات، يسيرون يوماً بعد يوم، فيولّدون الانطباع بأنهم في هجرة متواصلة وسط فراغ طبيعي شاسع مكتظّ بالقبائل لكنه بلا دول أو قوميات. وما الحدود إلّا رغبة فرضها الأوروبيون».
لا يكفّ مورافيا عن استخدام علامات الاندهاش: «الأفريقي يرقص حياته رقصاً. لهذا فإن في رقصته دائماً شيئاً مدهشاً أصيلاً، لا يمكن التنبّؤ به. وهو لا يعرف ماذا ينتظره من رقصه». وهو «مخلوق يسكنه الخوف على الدوام، ولذا، دائماً يحمل بيد عصا طويلة وبالأخرى حربة يقاتل بها الحيوانات المفترسة التي لا يعرف من أين تطلّ». ويشبّه مورافيا خوف الأفريقي بالزرافة الخائفة أبداً، تهرع دائماً إلى الأمام، وهي تتلفّت بعنقها الشامخ إلى اليسار واليمين».
كل شيء في أفريقيا يعود إلى ما قبل التاريخ. الغابات المطرية ومساحات السافانا التي تمتدّ من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي دون انقطاع: لون واحد، أخضر، على مدى آلاف الأميال ثم يتحوّل إلى أسود لآلاف أخرى. لون الأنهر القديمة والأشجار الهرمة التي سقطت من تلقاء نفسها بسبب رتابة السنين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصا الراعي وحربة المقاتل عصا الراعي وحربة المقاتل



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen