آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

شعراء المدار

اليمن اليوم-

شعراء المدار

بقلم - سمير عطا الله

21 ديسمبر (كانون الأول) 1968 كان موعد إطلاق «أبولُّو 8»، ثاني عربة فضاء أميركية مأهولة، ومهمتها تصوير المكان الذي سيهبط فيه الإنسان على القمر نفسه. ومن أجل رؤية هذا المشهد أقامت وكالة «ناسا» الأميركية مركزاً خاصاَ في باريس دعت إليه العلماء والصحافيين من أنحاء العالم.

كانت العادة في «النهار» أن أُكلَّف أنا تغطية أحداث فرنسا. وجهت الدعوة شخصياً إلى غسان تويني، واختار هو أن يرافقه الشاعر أنسي الحاج. تساءلت في نفسي، لماذا؟ هل أنا قاصر عن إدراك معاني الحدث؟ وأبقيت التساؤل ضمني. فربما كان هذا الرائد يريد أن يحقق إبداعاً آخر: تحويل الشاعر إلى مراسل.

مضى الآن نصف قرن كامل، وإذ أقرأ في كتاب «العالم المكتوب» لمارتن بوكنر أن الرواد الثلاثة عندما خرجوا من مدار الأرض الأسفل متجهين إلى القمر، تحوّلوا أمام ذلك المشهد المذهل، من طيارين إلى شعراء. وها هو قائدهم فرانك بورمان يخاطب مركز المراقبة على الأرض قائلاً: «يا له من مشهد هائل. نوع من الوجود المدهش، فسحة هائلة من اللاشيء». ثم مضت العربة تدور حول القمر بسرعة 24207 أميال في الساعة، أي أسرع ما عرفه إنسان من قبل.

وخاطب الرائد الثاني جيمس لوفيل 500 مليون مشاهد يتابعونه على الأرض قائلاً: «هذه العزلة الهائلة هنا قبالة القمر تبعث الروعة في النفس». لقد تحول الرواد من تلقائهم إلى شعراء. ولم تعد هناك لغة قادرة على التعبير في وصف ذلك المنظر الذي لم تقع عليه عين بشرية من قبل، سوى لغة الشعر. منذ 68 ساعة، أو نحو ثلاثة أيام، وهم ينتظرون هذه اللحظة. وكانت المكافأة تستحق الرحلة العجيبة.

إنهم أول من يرى الأرض كوكباً منفرداً بنفسه. وراح بورمان يتخيل أنه يشهد ساعات الخلق الأولى عندما فَصَل تعالى بين اليابسة والمياه وأولج الليل بالنهار. وقيل فيما بعد إذا لم تكن «أبولُّو 8» قد أسهمت بالكثير في العلوم، فإنها أسهمت كثيراً في الأدب. وفي لحظة انتقل الصراع البارد بين الأميركيين والسوفيات إلى أعالي الفضاء. ففيما قرأ بورمان من التوراة مؤكداً إيمانه، كان يوري غاغارين السوفياتي، الذي أصبح أول رائد فضائي في العالم، قد قال عندما أصبح في مدار الأرض: «نظرت وتطلعت وفتَّشت، ولكنني لم أرَ الله». بعد سنوات قليلة قُتل غاغارين في حادث سير عادي.

هل كان غسان تويني يُدرك أن تغطية تلك الرحلة في حاجة إلى شاعر، وليس إلى صحافي، أو حتى إلى عالم من العلماء؟ إنني لا أشك في ذلك لحظة واحدة. فقد كان كل شيء عنده يتحول إلى صحافة. ومعظم العالم في ذلك الوقت لم يكن يعرف ما هو معنى الوصول إلى الفضاء، أو يستوعب ما هو «برنامج أبولُّو». لكنه كان رؤيوياً في كل شيء. وكان يعتبر أن لأي شيء قيمته الكبرى مهما كان صغيراً، وربما بسبب ذلك، أنشأ إحدى أحدث الصحف في الشرق، وبسببه أيضاً حوَّل الشاعر البوهيمي إلى رئيس للتحرير.

نقلا عن الشرق الأوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعراء المدار شعراء المدار



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen