آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

المدن والأوبئة

اليمن اليوم-

المدن والأوبئة

بقلم - سمير عطا الله

تبذل السلطات حول العالم كل ما تستطيع من أجل المحافظة على الأجزاء القديمة من المدن والعواصم. فهي صورة هويتها وتاريخها وهندساتها الجمالية القديمة. وما يسمى الآن «وسط البلد»، هو نوع من الكنوز المختلفة التي لا وجود لها في التوسع العمراني، الذي نشأ بصورة تلقائية مع الهجرة العظيمة من الأرياف، وتمدُّد المناطق السكنية بحيث أصبحت، في حد ذاتها، مدناً لا علاقة لها بكل ما سبق.
غير أن ما نراه اليوم متحفاً قديماً من المباني والحجارة، لم يكن كذلك في الأصول والنشوء. فالأروقة الضيقة والبيوت المتلاصقة والشوارع المتعاكسة كانت أيضاً مخصباً للأمراض والأوبئة. فهي تفتقر بالدرجة الأولى إلى العنصر الصحي الأساسي، أي أشعة الشمس الشافية. وقديماً قيل: البيت الذي تدخله الشمس لا يدخله طبيب. وعندما جاء نابليون في حملته على مصر، كان عدوه الأول الطاعون، وليس الإنجليز. وأدرك ذلك سريعاً، فانسحب. ومرض هو، وخلفه نابليون الثالث، على أن تكون شوارع باريس وجاداتها على العرض والسعة. وتعلم أيضاً ما تعلمه سواه وهو أن شبكات الصرف الصحي أكثر أهمية من الأدوية والعلاج في محاربة الأمراض والجراثيم.
أما الحداثة المعمارية في المدن العربية فقد قلصت المدينة القديمة. وازدادت هذه الظاهرة منذ القرن الثامن عشر. وراحت الأجيال تندمج في مجتمعات جديدة، فلم يعد القروي ينقل معه قريته وعاداتها وتقاليدها، بل أصبح جزءاً من نهج حياتي جديد ذابت فيه الأرياف، ولم يبقَ من معالمها سوى التندر والحكايات والطرائف، كما هو حال الصعايدة في حواضر مصر.
يأخذنا الدكتور خالد زيادة في «المدينة العربية والحداثة» (دار رياض الريس للكتب والنشر)، في جولة ممتعة بين نشوء المدن وقيام الحداثة. ولعلّه أفاد كثيراً في هذه الدراسة من السنوات التي أمضاها في القاهرة سفيراً للبنان. فقد أخذ معه إلى هناك هوايته ومهنته الأصيلة كمؤرخ. وانصرف بالمعاينة وعلى الطبيعة إلى البحث في كبرى مدن العرب. يقول خالد زيادة وهو يقارن بين مدن اليوم وعمار الأمس: «ماذا تبقّى من الماضي المديني وتقاليده وعاداته؟ وما هي حال حداثتنا المدينية والعمرانية؟
لو قيّض لابن خلدون أن يعود إلى القاهرة التي أقام فيها، فلن يتعرف عليها، ولن يلمح تلك العظمة التي جعلتها أكبر مدن العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر. ولن تكون دهشة محمد كرد علي أقل لو تجوّل اليوم في شوارع دمشق التي كتب خططها في أوائل القرن العشرين. وكذلك حال علي الوردي مع بغداد بعدما كتب صفحات من تاريخ العراق الاجتماعي.
المدن القديمة توارت وتغيرت معالمها وتلاشت، وتزايد عدد سكانها أضعافاً مضاعفة بفعل الحداثة. وأدى التحديث إلى قيام مدينة جديدة إلى جوار القديمة التي هجرها سكانها، وهُجّر الوسط التجاري الحديث، ونشأت على أطرافها الضواحي الكبيرة المزدحمة التي لا أثر فيها للتراث العمراني، وتعبّر عن «أزمات الحداثة».

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدن والأوبئة المدن والأوبئة



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 07:18 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

برونو مارس يُعلن فوزه بـ " جائزة غرامي " لأغنية العام

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 13:56 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 03:13 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 01:54 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

بيلا حديد تبرز في ثوب أبيض في شوارع نيويورك

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 23:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الجزيرتان كشفتا عيوبنا

GMT 11:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة تضع المنوّم لزوجها لتتمكن من خيانته مع جارهما

GMT 14:26 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

"جونو "تدور حول كوكب المشتري منذ العام 2016

GMT 10:07 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض محرز يتجاهل المنافسة مع محمد صلاح

GMT 13:59 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

فريق الباطن يستضيف نظيرة الرائد في الدوري السعودي

GMT 20:02 2018 الخميس ,15 آذار/ مارس

قطة تورط بشكتاش التركي في أزمة مع اليويفا

GMT 04:04 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جمارك سيارة إنفينيتي QX50 موديل 2017

GMT 15:30 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إليزابيث هيرلي تنقل أجواء القاهرة السينمائي لجمهورها
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen