آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

الجزائر.. ودرس التاريخ القريب جدا!!

اليمن اليوم-

الجزائر ودرس التاريخ القريب جدا

بقلم - عماد الدين حسين

قلبى وقلوب كل العرب مع الجزائر الشقيقة فى هذه اللحظات الحرجة التى تمر بها، حتى تصل إلى بر الأمان إنشاء الله.
فى مثل هذه اللحظات يكون الحماس على أشده، والرؤية ضبابية، وبالتالى فوجود أكبر عدد من العقلاء هو الذى يحول الفوضى والاندفاع إلى فرصة تاريخية للانطلاق.
الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة اتخذ قرارا مهما ليلة الإثنين الماضى بإلغاء انتخابات ١٨ إبريل المقبل، وعدم ترشحه فيها وإقالة الحكومة، والدعوة إلى «ندوة» أو حوار وطنى موسع يضع دستورا جديدا ويرسم ملامح المستقبل.
القرار مهم جدا، لكنه للأسف متأخر جدا أيضا. قرار بوتفليقة يشبه إلى حد كبير ما فعله كل من زين العابدين بن على فى تونس أواخر ٢٠١٠ وحسنى مبارك فى مصر فى ١١ فبراير ٢٠١١. ومعمر القذافى فى ليبيا وعلى عبدالله صالح فى اليمن وبشار الأسد فى سوريا فى نفس العام ٢٠١١. والسؤال الذى يثار دائما فى مثل هذه اللحظات: لماذا تتكرر هذه الأخطاء الفادحة من دون الاستفادة من عبر التاريخ؟!.
لماذا لا يتعظ بعض الحكام من النماذج والأمثلة القريبة جدا. قد نعذرهم إذا كانت الدروس بعيدة وغارقة فى الماضى، لكن المأساة أن دروس بن على ومبارك والقذافى وغيرهم ما تزال حاضرة وحية، والمنطقة وشعوبها ماتزال تعيشها وتتنفسها وتدفع أثمانها بفداحة. 
بالطبع السؤال الأساسى يفترض أن نتوجه به إلى بوتفليقة وأركان حكمه وهو: لماذا تأخرتم كل هذا الوقت، بحيث صار الثمن المطلوب دفعه، كبيرا وضخما ومؤلما، ومهينا؟!
كان فى الإمكان اقناع الرئيس بوتفليقة بعدم الترشح للعهدة أو الفترة الخامسة. وقتها كان يمكن لجبهة التحرير والقوى المتنفذة أن تجهز بديلا متفقا عليه. وأغلب الظن أنه كان سيفوز بسهولة نظرا لعدم وجود منافسين أقوياء، فى ظل السياق الذى هيأته السلطة طوال السنوات الماضية. ولماذا كان الاصرار على اهانة واذلال الشعب الجزائرى، بالاصرار على ترشيح بوتفليقة مرة خامسة وهو يعانى امراضا عدة، تفقده القدرة على القيادة الصحيحة؟!
لو حدث ذلك، ما كنا قد وصلنا إلى هذه النقطة الصعبة، التى تجعل الجماهير تجبر رمزا تاريخيا مثل بوتفليقة على الخروج بهذه الطريقة المهينة.
اليوم صار الثمن المطلوب دفعه كبيرا. المتظاهرون يريدون من الرئيس ألا يكون جزءا من المشهد الانتقالى، وكذلك أركان نظامه. هم يريدون منه الانسحاب تماما من المشهد، وأن تكون هناك إدارة مستقلة تماما تقود المرحلة الانتقالية، وتلبى مطالب الشارع، وليس تعبيرا عن كل القوى السياسية الموجودة فى الجزائر إضافة بالطبع إلى القوات المسلحة.
درس الجزائر الأخير يقول إن طبيعة وثقافة الحكم فى غالبية البلدان العربية، لا تسمح بالاستفادة من دروس التاريخ القريب أو البعيد. كل حاكم يعتقد أنه مختلف وأنه محصن ضد التغيير، وأن المتظاهرين مجرد خفنة أو شرذمة من العملاء والمأجورين أو فى افضل الاحوال مغرر بهم!!. ويتم تسخير أجهزة الإعلام الحكموية لتخوين كل مخالف. وفجأة وحينما يكتشف الحكام أن الأمر جد وليس هزلا. نسمع عبارات صرنا نحفظها مثل «فهمتكم.. ولم أكن أنتوى». لكن ذلك للأسف يتم بعد أن يكون وقت التراجع الطبيعى قد فات، وبعد أن تكون معنويات المتظاهرين ارتفعت، وسقف مطالبهم وصل عنان السماء.
لا ألوم بوتفليقة كثيرا، فحالته الصحية كانت صعبة ــ كما قال هو قبل يومين ــ لكن ألوم أركان نظامه، الذين سمحوا للأمور أن تصل إلى ما وصلت إليه.
درس الجزائر يذكرنا بأن الأنظمة المغلقة، والغارقة فى الأوهام مصيرها السقوط المؤلم والمهين، وأن الجميع ينصرف عنها، حينما تلوح أى بارقة تغيير جدى.
الدرس يخبرنا أيضا أن الحكومات والأنظمة الذكية هى القادرة على التصرف السريع، واتخاذ القرارات والإجراءات والحلول المبكرة، حتى لا يتم إجبارها على دفع أثمان غالبية لاحقا.
مرة أخرى نتمنى أن تتمكن الجزائر الشقيقة من تجاوز هذه الفترة الصعبة فى أسرع وقت، وأن يتحلى الجميع بأكبر قدر من التعقل، حتى لا يكون المطلوب أكبر مما يتحمله الجميع.
ومن الواضح أنه لا يوجد كثيرون فى منطقتنا قادرون على التعلم من دروس التاريخ، والمفارقة أنه لم يصر تاريخا بعد. بل حاضر ما يزال يتحرك!

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجزائر ودرس التاريخ القريب جدا الجزائر ودرس التاريخ القريب جدا



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen