آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

لماذا ينجح بوتين ويفشل غيره؟

اليمن اليوم-

لماذا ينجح بوتين ويفشل غيره

بقلم - عماد الدين حسين

هل تدخلت روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين فى الانتخابات الأمريكية الرئاسية والنيابية، وبعض الانتخابات الأوروبية، وأخيرا هل تدخلت فى تظاهرات «السترات الصفراء» فى فرنسا؟!.
الإجابة هى أن كل شىء وارد، على الرغم من نفى روسيا الدائم والمتكرر. هذا ليس موضوعى الأساسى، لكن أنطلق منه للحديث حول موضوع أراه بديهيا جدا، وهو: لماذا يستغرب البعض فى المنطقة العربية والعالم من احتمال وجود هذا التدخل؟!
ما يدهشنى هو أن بعض كبار المثقفين يتعاملون مع الأمر، وكأننا نعيش فى عالم مثالى، وكأن التدخل والتأثير بل والتآمر، هى أمور غريبة على السياسة الدولية!!
قبل الدخول فى صلب التفاصيل، أؤكد مرة أخرى، أننى أتحدث فى الشكل وليس المضمون، وبالتالى لا أناقش هل حدث تدخل روسى أم لا، بل السؤال: أليس احتمال حدوث تدخل هو أمر طبيعى فى السياسة الدولية؟!
المفارقة الغريبة هى أن الولايات المتحدة ومعها غالبية أوروبا الغربية كانت تتفاخر طوال عقود، بأنها أسقطت الاتحاد السوفييتى السابق عام ١٩٩٠ بالتكنولوجيا، وأفلام هوليوود ومطاعم الوجبات السريعة وزجاجات المياه الغازية.
نعلم جميعا أن وسائل الإعلام الغربية شنت حملات دعائية ممنهجة طوال مهلة الحرب الباردة «١٩٤٥ ــ ١٩٩٠» ضد الاتحاد السوفييتى والكتلة الشرقية الاشتراكية. وبالمثل شنت موسكو وحلفاؤها الشيوعيون حملات مماثلة ضد المعسكر الغربى.
كلا الطرفين حاول التأثير فى الآخر، لكى يجعله يتبنى وجهة نظره، أو حتى يسقطه. وقد نجحت الولايات المتحدة فى هذه الحرب بفضل قوتها الناعمة المتمثلة فى التعليم والجامعات والثقافة والأدب والسينما والمسارح والحرية والمطاعم، إضافة لقوتها الخشنة المتمثلة فى الأسلحة والحصار واستنزاف موسكو اقتصاديا، وكذلك دور المخابرات المركزية الأمريكية فى ضعضعة الروح المعنوية لرعايا المعسكر الشرقى. 
وفى المقابل أيضا فإن الطرف الآخر ــ وهو الاتحاد السوفييتى ــ فعل نفس الشىء فى حدود إمكانياته، ولكنه فشل فشلا ذريعا، وانهار معسكره الشرقى وحلفه العسكرى فى وارسو من دون طلقة رصاص واحدة، والسبب الجوهرى، كان هو التدخل الأمريكى والغربى المستمر!!
أذكر هذا الأمر لأؤكد أن هذا الصراع القديم، وكل طرف حاول أن يؤثر فى الآخر، فلماذا نندهش الآن، إذا حاولت روسيا التأثير فى المعسكر الآخر؟!
المدهش الحقيقى من وجهة نظرى فى هذا الموضوع، هو أن الولايات المتحدة وأوروبا، تعترف عمليا وبصورة واضحة أن روسيا صارت قوة عظمى تكنولوجية أسطورية قادرة على التحكم فى شئون العالم، وإسقاط الحكومات الغربية، أو تحويل هزيمة مرشح إلى فائز!!
إذا كان هذا الأمر صحيحا، فكيف وصلت روسيا إلى هذه القوة الخارقة، والأهم كيف انهارت نظم المقاومة التقنية الغربية فى مواجهة نظيرتها الروسية؟!
المنطقى أن أمريكا هى من اخترعت الإنترنت والفيسبوك وجوجل وسائر وسائل التواصل الاجتماعى، وبالتالى يفترض أن تكون هى الأفضل والأقوى والأشد فى اختراق نظم البلدان الأخرى، وليس العكس. وبالتالى فعندما تتمكن روسيا من اختراق الانتخابات الأمريكية، فالسؤال الجوهرى: لماذا لم تكتشف أمريكا هذا الاختراق أولا، ولماذا لم تسدد ضربات وقائية أو حتى هجمات مرتدة للتأثير فى الانتخابات الروسية، أو أى من مناحى الحياة فى روسيا بحيث توجع وتؤلم بوتين وأجهزته؟!
هناك شىء غامض وغريب فى مسألة الاتهامات الغربية لروسيا، أقول ذلك، ليس لتبرئة الأجهزة الروسية، فربما كانت متورطة فعلا، لكن لأن الموضوع يبدو عصيا على الفهم والاستيعاب والمنطق، ثم لأن استمرار الاتهامات الغربية يحول روسيا إلى دولة عملاقة أسطورية قادرة على التحكم فى مصير العالم، ما دامت تستطيع التحكم المطلق فى الانتخابات الأمريكية والأوروبية.
كانت أمريكا تتباهى طول الوقت بأنها أسقطت الاتحاد السوفييتى من دون رصاص، فإذا صح أن بوتين يتدخل ويؤثر، فهذا حقه، ويصبح السؤال الجوهرى: ما الذى تغير بحيث تصبح المجتمعات الغربية سهلة المنال أمام التدخل الروسى؟! 
مرة أخرى نسأل إذا كان بوتين بهذه القوة والتأثير، فأين هى الأسلحة الأمريكية والغربية المماثلة، ولماذا لا تتدخل هى الأخرى حتى تقنع بوتين بأن يتوقف؟!

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا ينجح بوتين ويفشل غيره لماذا ينجح بوتين ويفشل غيره



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 07:18 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

برونو مارس يُعلن فوزه بـ " جائزة غرامي " لأغنية العام

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 13:56 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 03:13 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 01:54 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

بيلا حديد تبرز في ثوب أبيض في شوارع نيويورك

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 23:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الجزيرتان كشفتا عيوبنا

GMT 11:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة تضع المنوّم لزوجها لتتمكن من خيانته مع جارهما

GMT 14:26 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

"جونو "تدور حول كوكب المشتري منذ العام 2016

GMT 10:07 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

رياض محرز يتجاهل المنافسة مع محمد صلاح

GMT 13:59 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

فريق الباطن يستضيف نظيرة الرائد في الدوري السعودي

GMT 20:02 2018 الخميس ,15 آذار/ مارس

قطة تورط بشكتاش التركي في أزمة مع اليويفا

GMT 04:04 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على جمارك سيارة إنفينيتي QX50 موديل 2017

GMT 15:30 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إليزابيث هيرلي تنقل أجواء القاهرة السينمائي لجمهورها
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen