آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

للإخوة الجزائريين: لا تكرروا تجارب جيرانكم

اليمن اليوم-

للإخوة الجزائريين لا تكرروا تجارب جيرانكم

بقلم - عماد الدين حسين

أتمنى أن يفكر كل أبناء الشعب الجزائرى، خصوصا الذين شاركوا فى المظاهرات المناهضة لترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة للفترة أو «العهدة الخامسة»، تريليون مرة، قبل أن يندفعوا إلى هوة لا قرار لها.
المتظاهرون حققوا انتصارا مهما، بإجبار بوتفليقة على سحب ترشيحه للانتخابات الرئاسية فى ١٨ إبريل المقبل، لكن بعض قادة هذا الحراك يرون ما تحقق جزئيا، ولا بد من تحقيق كل مطالبهم. ولو جاز لى أن أنصح المتظاهرين وقادتهم وكل أبناء الشعب الجزائرى، من منطلق عروبى وأخوى بحت لرجوتهم أن يتريثوا كثيرا قبل الذهاب إلى نقطة لا عودة منها. النصيحة الجوهرية هى أن يدرسوا تجارب الربيع العربى الذى طال العديد من الدول العربية نهاية ٢٠١٠ وبدايات ٢٠١١، وبعضها دول مجاورة للجزائر، مثل تونس وليبيا ثم مصر وسوريا واليمن.
الدرس الجوهرى هو أن هناك فارقا جوهريا بين المطالب المثالية الكاملة، والواقع المريرعلى الأرض.
لا أحد يجادل فى قيمة الانتصار الذى حققه المتظاهرون ليلة الإثنين الماضى، ولا يوجد عربى عاقل لم يفرح لانسحاب بوتفليقة من السباق الرئاسى، فالرجل وعمره 82 سنة أصيب بسكتة دماغية عام 2013، قال فى بيان انسحابه إنه «مريض ولا يستطيع الاستمرار، ولم يكن ينتوى الترشح». وهنا نسأل ولماذا ترشح، أم أن من حوله هم الذين أصروا على ترشحه ليكون غطاء لهم من دون استشارته؟!.
يفترض أن كل الشعوب العربية وقواها السياسية أدركت خطورة الاندفاع إلى تحقيق الحدود القصوى التى تتصادم مع وقائع راسخة على الأرض.
جيد أن يطالب المتظاهرون بوجود ديمقراطية كاملة وتداول للسلطة وحريات شاملة، لكن شرط أن تكون الصورة واضحة أمامهم. والأهم أن تكون هناك قوى سياسية منظمة تستطيع قيادة الجزائر إلى بر الأمان.
المتظاهرون الذين خرجوا إلى الشارع ليسوا قوة منظمة واحدة أو اثنين أو حتى ثلاثة. معظمهم شباب «نصف الشعب تحت سن 30 سنة» لم يعجبهم أن يفرض عليهم وجود رجل مريض جدا، وشاركهم فى ذلك العديد من المواطنين العرب، بل وفى العالم أيضا.
لكن الملاحظة الرئيسية هى أن القوى السياسية التقليدية كانت غائبة أو ضعيفة، أو التحقت بالمظاهرات، حينما أدركت أن احتمالات انسحاب بوتفليقة كبيرة. وهو نفس السيناريو الذى تكرر فى مصر تقريبا فى ٢٥ يناير ٢٠١١. كانت هناك أشواق الشباب المتطلع إلى دولة مدنية ديمقراطية متطورة، لكن لم تكن هناك قوى سياسية منظمة ومؤثرة، ولذلك تمكنت القوى الدينية بأشكالها المختلفة من سرقة هذه الثورة العظيمة، وتحويلها إلى نموذج مضاد تماما لكل ما حلم به غالبية المصريين.
النقطة الجوهرية التى يفترض أن يدرسها قادة المتظاهرين وبقية رجال الدولة، ألا يتصلب ويتطرف كل منهم، مما قد يقود ــ لا قدر الله ــ إلى صدامات تكرر مشاهد ومآسى «العشرية السوداء» التى ضربت الجزائر، بعد إلغاء المسار الانتخابى نهاية عام ١٩٩١، ولجوء الجماعات الإسلامية إلى العنف والإرهاب، الذى كلف الجزائر مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين، ناهيك عن الآثار الاجتماعية والاقتصادية الكارثية.
القوى السياسية الجزائرية، ضعيفة إلى حد ما. هناك حزب سلطة هو جبهة التحرير ويشبه كل أحزاب السلطة فى الوطن العربى، مع فوارق ضئيلة. وأحزاب أخرى جرى ضربها وحصارها وتهميشها، والنتيجة هى مشهد سياسى ضبابى قد تحركه السوشيال ميديا أو تنظيمات تنتظر الفرصة للانقضاض على الجزائر للثأر مما حدث فى «العشرية السوداء». هناك أيضا أزمة اقتصادية رغم البترول والغاز غير المستغل بكامل طاقته، ومشكلة بطالة وصلت إلى 29%.
علمنا التاريخ القريب والبعيد أن مثل هذه الفترات لا يوجد فيها منتصر كامل ومهزوم كامل. بل تحتاج إلى انتقال متدرج حتى يمكن تجنيب البلاد الفوضى والارتباك والعنف والإرهاب.
تحتاج السلطة إلى الإدراك أن هناك فترة تاريخية انتهت، وحان الوقت لبداية جديدة، تقوم على شرعية جديدة. وتحتاج المعارضة الموجودة فى الشارع إلى الإدراك بأن هناك قوى تقليدية ومؤسسات صلبة لا يمكن أن يقال لها «اذهبوا إلى الجحيم».
تحتاج الجزائر هذه الأيام إلى أكبر قدر من العقل والتعقل والمتعقلين، لو فعلت ذلك، لربما مثلت نموذجا جيدا للانتقال السلمى الهادى، بعد أن كانت تجربتها فى عقد التسعينيات من القرن الماضى، نموذجا محزنا ومؤسفا جرى استنساخه فى العديد من الدول العربية. مرة أخرى قلوبنا مع الجزائر حتى تخرج من هذه الفترة العصيبة.

نقلا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للإخوة الجزائريين لا تكرروا تجارب جيرانكم للإخوة الجزائريين لا تكرروا تجارب جيرانكم



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen