أتمنى أن يسارع العقلاء فى مصر وتونس إلى سرعة التدخل، قبل أن يقع ما لا يحمد عقباه، خلال إياب نهائى بطولة الأندية الإفريقية أبطال الدورى، مساء اليوم الجمعة.
عمليات الشحن والحشد والتعبئة تجرى على قدم وساق، خصوصا فى بعض وسائل الإعلام التونسية.
ومن أسوأ ما قرأت هذا الأسبوع، ما كتبه الصحفى التونسى زهير ورد، تحت عنوان «مرحبا بالأهلى فى جحيم رادس». حيث قال إن «من حق الترجى الرد على تحية الأهلى بأفضل منها والبادى أظلم، والأهلى لم يقرأ حسابا على ما يبدو لمباراة العودة، فسمح لنفسه بالتصرف بالطريقة غير الصحيحة، وما عاشه الترجى فى القاهرة، يشبه سيناريو مقابلة أم درمان الشهيرة بين مصر والجزائر!!».
يضيف الكاتب التونسى أن «الجماهير المصرية غير مرحب بها فى تونس، والترجى يحتفظ بحق الرد على الممارسات المذلة التى قام بها فريق الأهلى بين جماهيره، ومن حقه أيضا التفنن فى الرد على الأهلى بما يعيد الاعتبار للفريق التونسى».
كنت أعتقد أن المشكلة فقط تكمن فى كتابات بعض الجماهير المتعصبة على مواقع التواصل الاجتماعى خصوصا الفيسبوك، لكن أن يصل الأمر إلى الكتاب والصحف التقليدية، فتلك مصيبة كبرى. المفترض أن السوشيال ميديا هى التى «تولع وتشعلل الدنيا»، وللأمانة هى لم تقصر فى ذلك، وكان المنطقى أن تقوم وسائل الإعلام التقليدية بالتهدئة وكبح جماح المتعصبين، أما أن يأتى التهييج والإثارة والتحريض منها، فتلك مصيبة كبرى. ويزيد الأمر غموضا وريبة وشكوكا حينما يأتى التهييج والتحريض من شبكات وقنوات تقول إنها كبيرة وعالمية ومن نقاد وشخصيات تدعى أنها قومية وعروبية وإسلامية. هنا نلمس رغبة جامحة فى إشعال حريق بأى وسيلة ،وللموضوعية لا أعفى بعض المصريين من الإثارة واللامسؤلية.
ما أتحدث عنه ليس شأنا خاصا بالرياضة مطلقا، بل هو أمر عام، يمكن أن يتسبب فى كارثة تفوق كارثة استاد أم درمان بين مصر والجزائر فى نوفمبر ٢٠٠٩ والتى سببت جرحا نازفا فى علاقات البلدين استغرقنا سنوات حتى شفينا منه والحمد لله.
السؤال: هل ينقصنا مشكلة أخرى مشابهة وسط الأجواء العربية الملبدة بالغيوم، لكى نزيد الأوضاع سوءا؟!
الكاتب الكبير حسن المستكاوى كتب عن نفس الموضوع ،وكذلك الجوانب الفنبة للمباراة بتوسع، خلال الأيام الماضية، وكذلك فعل العديد من الكتاب والإعلاميين والمختصين، لكن لن أركز على الجوانب الفنية والرياضية فهذه لها خبراؤها.
خوفى الرئيسى هو أن يتسبب الجدل الدائر فى كارثة لا قدر الله، لن ينفعنا الندم إذا وقعت.
لا أعرف كيف يجرؤ كاتب أو صحفى على تهديد فريق بأكمله، وجماهير عريضة، ويتوعدها إذا جاءت لتشجع فريقها؟!
ليست تلك هى الرياضة، وللأسف الشديد فإننا كعرب ما زلنا نتعامل مع الرياضة باعتبارها ممارسة للثأر والعصبية والقبلية. معظمنا لا يقبل الهزيمة، ويراها جالبة للعار. نرى فى غالبية العالم المتحضر المدربين واللاعبين يحيون بعضهم البعض عقب المباراة. والجماهير تحيى فريقها المهزوم بالخمسة والستة، لأنه أدى ما عليه. ثقافتنا الراهنة لا تقبل الهزيمة وتتعامل مع المباريات وكأنها معارك حربية، خصوصا إذا كانت بين فرق أو منتخبات عربية!
أتمنى أن يسارع العقلاء والسلطات إلى سرعة التدخل ومنع أى احتكاك قد يؤدى إلى اشتعال الموقف، من الوارد أن يخطئ حكم، أو لاعب، ومن الوارد أن ينهزم فريق لأسباب غير رياضية ورأينا فرقا تخسر نهائيات مختلفة بأهداف تم تسجيلها بالأيدى، أو من تسللات واضحة، لكنها لم تهدد بالانتقام والثأر.
لا أعرف إذا لم تكن الرياضة قادرة على ترويض مشاعر الثأر داخلنا فماذا نفعل وإلى متى سوف تستمر هذه العصبية والقبلية القاتلة؟!
نقلا عن الشروق
أرسل تعليقك