آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

لماذا نقيد الجمعيات الأهلية؟!

اليمن اليوم-

لماذا نقيد الجمعيات الأهلية

بقلم - عماد الدين حسين

تخيلوا أن أول جمعية أهلية تأسست فى مصر كانت فى عام ١٨٦٨، يعنى من ١٥١ سنة. هذه الجمعية كان اسمها «جمعية المعارف»، لصاحبها محمد عارف باشا.
السطور التالية ليست عن هذه الجمعية أو صاحبها، ولكن عن أن العمل الأهلى فى مصر قديم جدا، ومتأصل وأصيل، وينبغى أن نهتم به وندعمه بكل الطرق مادام فى إطار القانون والمصلحة العامة.
الذى لفت نظرى أكثر إلى هذا الموضوع هو الدكتور محمد أبوالغار، الشخصية التى تحظى باحترام الجميع فى مصر. 
فى ١٨٧٨ تأسست «الجمعية الخيرية الإسلامية»، واللافت للنظر مثلا أن أهدافها الأساسية لم تكن إقامة دولة الخلافة، بل نشر الثقافة والتمثيل المسرحى. واللافت أكثر أنه فى نفس العام تأسست جمعية «الاقتصاد القبطية» على يد يعقوب نخلة، وكان من بين أهدافها نشر الآداب والفنون. هذه المفارقة تكشف لنا حجم ما تعرض له المجتمع المصرى، من قصف متطرف عنيف، حتى وصلنا للحالة الراهنة.
فى عام ١٨٩٠ تأسست جمعية «المساعى المشكورة» بواسطة كبار ملاك الأراضى بالمنوفية، وأقامت العديد من المدارس، منها ثالث مدرسة ثانوية فى مصر بعد القاهرة والإسكندرية ولذلك، كما يقول أبوالغار، كانت نسبة التعليم فى المنوفية ١٠٠٪.
الأمير يوسف كمال أسس عام ١٨٩٢ جمعية «محبى الفنون»، وفى عام ١٩٠٠، تأسست جمعية «أنصار التمثيل».
أما الجمعية الأكثر تأثيرا وقتها، فكانت تلك التى أسستها شخصيات عامة، من بينهم مصطفى كامل وسعد زغلول ومحمد عبده، ومحمد فريد، وقاسم أمين، لإنشاء الجامعة الأهلية والتى خرجت إلى النور عام ١٩٠٨، رغم معارضة الاحتلال البريطانى، وهى الجامعة التى نعرفها الان باسم جامعة القاهرة.
إذا الجمعيات الأهلية فى مصر قديمة، ومتشعبة فى جميع المجالات تقريبا. وهو ما يعنى أن مصر رائدة فعلا فى الدعوة للفنون والآداب والتعليم والعمل الخيرى. وبالتالى كان طبيعيا، أن تكون الأكثر تأثيرا «القوة الناعمة» فى المنطقة بكاملها.
أبو الغار، هذا العالم الكبير، كان يتحدث فى المسرح الكبير، بدار الأوبرا ليلة الجمعة قبل الماضية بصفته عضو مجلس أمناء جوائز ساويرس الثقافية فى دورتها الرابعة عشرة.
ليلتها ــ وقبل توزيع الجوائز ــ سمعت كلمات طيبة من د. منى ذو الفقار عضو مجلس الأمناء عن أهمية «التمكين الثقافى»، فى حين كانت كلمة مؤسس الجائزة وممولها سميح ساويرس قصيرة جدا جدا.
هذه الجائزة فرصة لتسليط الضوء على أهمية دور رجال الأعمال فى نشر وتشجيع الثقافة والفنون والآداب، والتعليم والعمل الأهلى عموما، ولدينا فى مصر نحو 50 ألف جمعية أهلية. 
كلنا نعرف ما يفعله رجل الأعمال الأمريكى الشهير بيل جيتس فى العمل الخيرى ونتمنى أن نرى مثله كثيرين فى مصر. وللموضوعية فهناك لدينا نماذج طيبة، مثل الدكتور أحمد هيكل، خصوصا فيما يتعلق بالمنح الدراسية الداخلية والخارجية، التى تخصصها «شركة القلعة» للطلاب عموما، أو للأهالى، فى المناطق المحيطة بالمشروعات الكبرى، مثلما هو حاصل فى مسطرد بجانب معمل التكرير.
العمل الأهلى كان قد قطع شوطا كبيرا قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، لكن تبين أن بعض الجمعيات المتطرفة، قد استغلت ذلك، للتغلغل فى مفاصل المجتمع المصرى، عبر المساعدات الإنسانية خصوصا فى التعليم والصحة.
إذا كيف يمكن حل هذه المعضلة؟!. الدولة وجهت ضربات قوية لهذه الجمعيات. لكن المطلوب تشجيع قيام جمعيات بديلة، لأن المتضرر فى هذه الحالة لم يكن المتطرفين فقط، ولكن المواطنين الأكثر احتياجا.
المفارقة أن كل ذلك حصل بالتوازى مع تضييق الحكومة على العمل الأهلى، بإصدار القانون الأكثر إثارة للجدل «70 لسنة 2017». ومن حسن الحظ أن الرئيس عبدالفتاح السيسى طلب إعادة النظر فى القانون، وهو ما يتم الآن عبر وزارة التضامن الاجتماعى.
كتبت فى الشهر الماضى، وأكرر اليوم عن أهمية أن تدرك الحكومة أن تشجيع العمل الأهلى والمدنى يصب فى النهاية فى صالح المجتمع. 
من دون المجتمع المدنى الأهلى، لن تستطيع الحكومة أن تقوم بكل شىء، أو تواصل العمل مهما كانت كفاءتها ونيتها الحسنة، فما بالكم بأن كفاءة العمل الحكومى، محل شك كبير، خصوصا فى ظل نقص الكوادر المؤهلة.
نعرف حساسية الحكومة فى التضييق على الجمعيات ذات الصبغة السياسية، أو تلك التى تتلقى تمويلا خارجيا. لكن لماذا لا تشجع بقية الجمعيات العامة فى نشر الثقافة والفكر والفن والإبداع ومساعدة الناس. سؤال لا أجد إجابة منطقية عنه حتى الآن؟!.

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا نقيد الجمعيات الأهلية لماذا نقيد الجمعيات الأهلية



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:18 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:51 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

نجمات أبهرن الجمهور رغم تجاوزهن الخمسين

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 06:44 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

أجواء عذبة عاطفياً خلال الشهر

GMT 01:05 2017 السبت ,07 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة هند صبري تكشف تفاصيل إنتاجها لأفلام الإنترنت

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

روما يهزم برشلونة الثلاثاء عن طريق اللاعب دجيكو

GMT 16:21 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 04:25 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

كاتي بيري تلفت الأنظار إلى فستانها البني الأنيق

GMT 21:10 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

يوفنتوس سيجاري عرض أرسنال الخيالي لضم مبابي

GMT 01:57 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

حنان ترك تظهر في عيد ميلاد توأم زينة وتخطف الأضواء

GMT 15:40 2020 الإثنين ,13 تموز / يوليو

دينا راغب بإطلالة فرعونية تتخطى 150 ألف دولار

GMT 03:21 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تستعمل الأغاني بدلًا من أصوات المحركات المزعجة

GMT 21:31 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تحدث ميزات جديدة للمستخدمين في15 دولة العالم العربي
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen