بقلم-سليمان جودة
فى رسالة من الدكتور فؤاد شاكر، الرئيس الأسبق لاتحاد المصارف العربية، ذكر الأسباب التى يرى أنها دعت مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكى، إلى عدم زيارة الكويت خلال جولته الأخيرة فى المنطقة، رغم وجودها على جدول الزيارة منذ البداية، بل حتى اللحظة الأخيرة!.
فالوزير مايك كان قد قرر قبل بدء الجولة أن يزور دول الخليج، ما عدا سلطنة عُمان، دون أن يفسر لماذا لن تكون السلطنة ضمن جولته، وكان أيضاً قد قرر أن يضيف إلى دول الخليج ثلاث دول هى مصر، والعراق، والأردن، وأن يبدأ بالدول الثلاث.. وهذا ما حدث فعلاً.. فلقد جاء من بلاده إلى بغداد، ومنها إلى عمّان، ثم القاهرة، التى انتقل منها إلى الخليج!.
وكان المُخطط له فى جدول الزيارة المعلن قبل بدئها، أن تكون البحرين هى المحطة الأولى فى الخليج، وأن تكون الكويت هى الختام، وأن تكون السعودية، والإمارات، وقطر، بينهما.. وهذا ما حدث إلا قليلاً.. فعندما جاء دور الكويت فى الجدول الموضوع سلفاً، توجه الوزير إلى سلطنة عُمان، التى خلا منها الجدول ابتداءً، ولم يذهب إلى الكويت التى كانت هى آخر محطة معلنة!.
وقد قيل فى تفسير ذلك من جانب وزارته، إن مايك مضطر للعودة إلى بلاده، لحضور جنازة عائلية.. وحين كتبت عن القضية فى هذا المكان أمس الأول، كان تقديرى أن المبرر المعلن لعدم إتمام الزيارة غير مقنع لأى عقل سليم، وأن حديث الوزير نفسه فى أثناء جولته عن تحالف عربى ضد إيران، يضم دول الخليج مع مصر والأردن، يجب أن يؤخذ بحذر بالغ!. أقول ذلك رغم أنى أقف بوضوح ضد السياسة الإيرانية المدمرة فى المنطقة، فسياستها التى نراها تجاه اليمن، ولبنان، وسوريا، والعراق، وربما البحرين، لم تجلب لهذه الدول سوى الكوارث!.. ولا سبيل أمامها غير احترام سيادة هذه الدول، واحترام سيادة دول الخليج، والتوقف عن دس أنفها فيها!. أما سبب الحذر الواجب، فهو أن مثل هذا التحالف إذا كتب الله له أن يقوم، فسوف تعمل واشنطون من خلاله على استنزاف الطرفين.. دول التحالف وإيران.. لتكسب هى وحدها.. أو هكذا أتصور!.
أما تقدير الدكتور شاكر فهو أن للكويت رؤية مختلفة عن الرؤية الأمريكية، فى التعامل مع حكومة الملالى فى طهران، وأن الكويت تخطط استراتيجياً للدخول مع الصين فى تحالف استثمارى قيمته مائة مليار دولار، بما يؤدى إلى تصنيع وتكرير النفط الكويتى على أرضه، فى مقابل إسهام كويتى ضخم فى بنك البنية التحتية الصينى، وأن ذلك بالطبع ليس موضع رضا من الأمريكان لأسباب مفهومة!.
ولهذا غاب مايك بومبيو عن الكويت، وليس لحضور جنازة عائلية، فالجنائز مهما كانت لا تقطع مهام رسمية كبرى على هذا المستوى.. وإذا صح تقدير الدكتور شاكر، فالكويت من حقها أن تكون لها رؤيتها فى ملفات المنطقة حولها، خصوصاً أن التزامها الخليجى معلن دائماً، كما أن التوجه العربى لديها لا تشوبه شائبة!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك