بقلم-سليمان جودة
تظل الأمور على أرض سوريا أعقد بكثير مما تبدو أمامنا، فليس من الممكن أن تغادرها إيران بسهولة، بعد أن وقف الحرس الثورى الإيرانى يحارب إلى جوار الجيش السورى، ولا يزال.. ولا من المنتظر أن يسحب الرئيس الروسى بوتين قواته فى المدى الزمنى المنظور، بعد أن أنشأ قواعده الجوية فى منطقة حميميم السورية وفى غير حميميم، وفى اللاذقية وفى غير اللاذقية.. ولا الأتراك سوف يعودون إلى داخل بلادهم قريباً، بعد أن دخلوا حلب فى الشمال وفكّكوا الكثير من مصانعها ونقلوها إلى الأراضى التركية!
ومع ذلك.. فالأمل كان قائماً بقوة ولا يزال فى أن يكون للعرب موقع قدم هناك، لا أن يتخلوا كل يوم عن بلد هو أقرب للصفة العربية فى كل شىء فيه أكثر من أى بلد عربى آخر!
وكان الأمل أن تكون زيارة الرئيس السودانى عمر البشير إلى دمشق، منتصف ديسمبر الماضى، بداية من مدد عربى لا يجوز أن ينقطع عن الأشقاء فى سوريا، بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع سياسات يمارسها الرئيس بشار الأسد!
وكان الأمل قائماً بالقوة نفسها فى أن تكون الدعوة التى أطلقها بوتين بعد زيارة البشير بساعات قادمة فى أكثر من عاصمة عربية، بدلاً من انطلاقها من موسكو!.. فالدعوة كانت فى اتجاه أن تحضر سوريا القمة العربية الاقتصادية المنعقدة فى بيروت 19 من هذا الشهر.. وبالطبع، فإن لروسيا حساباتها الخاصة فى أن تكون سوريا حاضرة فى القمة، ولكن المتصور أن حضورها سوف يكون مفيداً لعواصم العرب فى غالبيتها بأكثر مما سوف يكون مفيداً للعاصمة الروسية!
ولكن الأمل يظهر هذه الأيام، وكأنه كان فى غير محله.. فالقمة الاقتصادية تبدو هى ذاتها مُهدَّدة، كما أن الذين دعوا إلى حضور دمشق فيها جرى التعامل معهم بالتجاهل مرة، وبالرفض مرةً ثانية!
والزيارة السودانية بدت يتيمة تماماً، لأن الزيارة العربية التالية التى قيل إنها فى الطريق، وإنها ستكون موريتانية، جرى نفى أخبارها بشكل خجول، ومحزن، وباعث على الحيرة!
وحتى الوزير سامح شكرى خرج قبل أيام ليقول، فى أثناء استقبال وزير الخارجية المغربى، ناصر بوريطة، إن العودة العربية إلى سوريا، أو العكس، فى حاجة إلى بعض الإجراءات، وإن هذه الإجراءات مطلوبة من الطرف السورى أكثر مما هى مطلوبة من الطرف العربى!
وكان الوزير شكرى قد قال كلاماً مختلفاً فى سياق سابق، وهى مسألة أظنها فى حاجة إلى شرح أكثر من الوزير المحترم!
المسألة فى حاجة إلى ذلك لأن سوريا تستحق!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك