بقلم-سليمان جودة
نفى الشيخ راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة الإسلامية فى تونس، رغبته فى الترشح لانتخابات الرئاسة التى ستجرى نوفمبر من هذا العام، وقال، فى أثناء ندوة دعا إليها مركز دراسات تابع للحركة، إن حزبه لم يستقر بعد على مرشحه فى السباق الرئاسى، وإن الحزب إما أن يسمى مرشحاً من داخله، وإما أن يزكى مرشحاً من خارجه يجرى التوافق عليه!
وكانت يمينة الزغلامى، القيادية فى حركة النهضة، قد قالت قبل أيام إن الغنوشى سيكون هو مرشح الحزب فى معركة الرئاسة القادمة!
وفى الأجواء نفسها التى قالت فيها «الزغلامى» هذا الكلام، كانت أنباء قد راجت عن أن كلامها له أساس متين يعود إلى ست سنوات تقريباً مضت، وأن هذا الأساس هو أن اتفاقاً غير معلن كان قد جرى فى 2013 بين الغنوشى والرئيس التونسى الباجى قايد السبسى، وأن ذلك كان فى العاصمة الفرنسية باريس!
وكان الاتفاق غير المعلن يقول بتداول الرئاسة بينهما، مما يعنى أن السبسى إذا كان قد جرب حظه رئيساً بدءاً من 2014، فالدور القادم هو على الغنوشى رئيساً!
ولأنه اتفاق غير معلن، فهو يمكن أن يكون صحيحاً ويمكن ألا يكون، ولكن الثابت أن النهضة كانت قد دعمت المنصف المرزوقى فى معركة الرئاسة السابقة فخسر فى مواجهة السبسى!
وبصرف النظر عن كل بالونات الاختبار التى لا تتوقف حركة النهضة عن إطلاقها من وقت إلى آخر، فالواضح أن عين الحركة هى على كرسى الرئاسة فى قصر قرطاج، وأنها لا تريده بشكل مباشر، لأنها ترى جيداً أن الطقس السياسى فى المنطقة وفى العالم لا يرحب بوجودها فى القصر!.. فالرياح السياسية فى تونس وفيما حول تونس فى المنطقة وخارجها لا تقبل بالنهضة «الإسلامية» فى الرئاسة!
ولا يجد الغنوشى شيئاً يفعله فى ظل مثل هذا الطقس ومثل هذه الرياح سوى المناورة التى لا تتوقف، وسوى أن يقول الشىء، ثم يتصرف أحياناً على العكس من الشىء نفسه!
وعلى مدى الفترة الممتدة من يوم سقوط الإخوان فى القاهرة 2013 إلى اليوم، كان رئيس النهضة قد عرف كيف يستوعب تماماً الدرس، وكان يتصرف طول الوقت بما يشير إلى أنه يحفظ القصة الشهيرة عن رأس الذئب الطائر، وأنه يعى الحكمة الموروثة فى تلك القصة التى ينقلها جيل عن جيل من السياسيين، دون أن ينتفع منها من بين الساسة إلا القليلين!
وقد كان وقوفه وراء المرزوقى، دون إعلان صريح يومها، نوعاً من الحكمة الباقية فى القصة القديمة.. وفى الغالب فإنه سيواصل التصرف حسب دروسها، ولن يرشح أحداً من داخل الحركة، وسوف يزكى مرشحاً من خارجها، فيحكم هو، ولكن من وراء ستار، لأنه يتبنى الواقعية السياسية إلى أبعد الحدود!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك