بقلم - سليمان جودة
سوف يأتى يوم نعرف فيه أن الدكتور الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم السابق، كان على حق تماماً، عندما قرر احتساب عشر درجات فى شهادة كل طالب، على مدى الانضباط فى المدرسة، وعلى مدى الالتزام فى الفصل، وفى أثناء الدرس، وفى العلاقة مع الزملاء، وفى كل شىء له علاقة بالسلوك العام.. فالمدرسة، خصوصاً فى مراحل التعليم الأولى، إنما هى للتربية، قبل أن تكون للتعليم!.
تذكرت إصرار الدكتور الشربينى على الدرجات العشر، حين جاءتنى رسالة من الدكتور نادر نورالدين يقول فيها إن وزارات التربية والتعليم فى دول الخليج كلها اسمها وزارات التربية، وفقط، وإن وجوده مستشاراً ثقافياً فى الكويت لثلاث سنوات قد جعله يرى عن قرب ماذا تعنى المدرسة بالنسبة لكل طالب، عندما تكون الوزارة المشرفة على التعليم بأكمله معنية بالتربية قبل أن تكون معنية بالتعليم، أو بهما معاً، بشرط أن تكون التربية مهمة سابقة على مهمة التعليم بخطوات!.
إننى أذكر جيداً كيف أن الوزير السابق تمسك بفكرته، وبقراره، إلى آخر المدى، لولا أن الدولة هى التى خذلته ولم تسانده كما يجب، فى مواجهة غوغائية ضده مارسها بعض أولياء الأمور، وبعض الأمهات، وفى مواجهة إعلام راح يشيطنه فى نظر الرأى العام، لا لشىء إلا لأن الرجل وقف بصلابة فى مواجهة الكثير من المدارس الدولية، التى تبيع وتشترى فى الناس علناً!. قبل الوزارة.. كان الدكتور الشربينى أستاذاً جامعياً فى أصول التربية، وكان يعرف عن علم، درسه بالتالى، ماذا تعنى المؤسسة التعليمية بالنسبة لكل تلميذ، وبماذا بالضبط عليها أن تنهض وتقوم فى مجتمعها، وكان يعرف كذلك أن الطالب لا يذهب إلى مدرسته ليحضر حصة ويعود، ولا ليستمع إلى درس ويرجع، ولكن يذهب من أجل عملية مكتملة لبناء الشخصية منذ الصغر، وفى القلب من هذه العملية تأتى مهمة التربية.. قبل التعليم!.
وما نسمع عنه ونطالعه فى كل يوم، عن فوضى فى مدرسة هنا أو هناك، ثم فى الشارع عموماً، إنما هو نتيجة طبيعية لغياب مهمة التربية فى المدرسة، وهو نتيجة طبيعية أيضاً لإدراك الطالب أن درجاته هى على ما يحفظه، لا على ما يفهمه، ولا على ما يستوعبه، ولا على انضباطه فى كل سلوك من جانبه فى مدرسته!. وبالطبع.. فالمدرسة لن تربى وحدها، لأن البيت له نصيب، والإعلام بما يذيعه وينشره من القيم بعد البيت، له نصيب آخر، ثم إن كل دار عبادة لها بعد البيت، وبعد وسائل الإعلام، نصيب ثالث.. ولكن المدرسة تظل الأساس الأول، وما لم تكن التربية مهمة أولى من بين مهامها.. فلا تعليم أبداً!. وهذا ما أراده الوزير السابق، فلم يسعفه أحد.. ولا أسعفته أى جهة!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك