بقلم-سليمان جودة
شىء جيد أن يقرر جهاز حماية المستهلك إطلاق مبادرة لحماية السائح المستهلك والمستثمر المستهلك، فلا يزال السائح فريسة لدى كثيرين من آحاد الناس، ولا يزال كلما دخل مطعماً، أو زار متحفاً، يكتشف أن خداعه والضحك عليه والتطلع إلى ما فى جيبه هى كلها مفردات فى استقباله.. وكذلك المستثمر.. خصوصاً إذا كان أجنبياً جاء يوظف أمواله بيننا!.
وإذا سألتم خبير السياحة محمد بدر، محافظ الأقصر السابق، فسوف يروى لكم عن السائح الذى نزل ذات صباح من الفندق هناك، وقد كتب على صدره هذه العبارة: لا أريد شراء شىء من البازار، ولا ركوب الحنطور، ولا التاكسى!.. كتب العبارة على صدره، ومضى يتجول بها فى أنحاء المدينة، بعد أن زهق من الملاحقات، والمطاردات، والمعاكسات!.
وقد عاش المحافظ السابق سنوات عمله فى الأقصر، وخرج منها بعدة دروس فى أصول السياحة، وكان الدرس الأول أن «ثقافة الشارع» عن السائح ليست هى التى تسعفنا فى جذب المزيد من السياح، ولا هى التى تجعل السائح إذا عاد إلى بلده يفكر فى العودة من جديد، أو يدعو غيره إلى المجىء، وأنها فى حاجة إلى تغيير شامل، وأن بداية ذلك من المدرسة!.
وقد كانت هذه النقطة على وجه التحديد هى بداية رواج سياحى فى إسبانيا، جعل عدد السياح الذين يتوافدون عليها حالياً أكثر من عدد سكانها.. كانت البداية عندما قرر الجنرال فرانكو أن تكون السياحة مادة دراسية يتعلمها الصغار من سن الحضانة، وصولاً إلى ما بعدها من سنوات الدراسة، فلقد كانت قناعته، بعد أن استمع إلى خبراء السياحة باعتبارها صناعة متكاملة، أنها لا تنتعش من فراغ، وأن بداية انتعاشها من المدرسة، ولا بداية من مكان آخر!.
شىء جيد، إذنْ، أن يُطلق اللواء راضى عبدالمعطى، رئيس الجهاز، مبادرة بهذا المسمى، ولهذا الهدف، على هامش منتدى شباب العالم، الذى يبدأ صباح غد فى شرم، فلا يزال أمام جهازه أن يقطع الكثير من الخطوات، ليس لحماية السائح المستهلك فقط، ولا لصد العدوان عن المستثمر المستهلك وحده، ولكن لحماية المواطن المستهلك الذى يواجه اعتداءات بلا حصر فى حقه مع كل طلعة نهار، فيتلفت حوله، بينما الأمل يملؤه فى أن يجد الجهاز واقفاً إلى جواره يحميه!.
شىء جيد من الرجل.. غير أنى أدعوه إلى مبادرة تدوم من أجل المواطن المستهلك، الذى يتطلع نحوه فى رجاء، ولو استعان اللواء «راضى» بتجربة جهاز حماية المستهلك فى المغرب وفرنسا، فسوف يكون رجاء مستهلكينا فى مكانه!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك