بقلم - سليمان جودة
لا أزال أذكر أنى سمعت من وليد المعلم، وزير الخارجية السورى، فيما يشبه العتاب للعرب، أنهم لو حضروا إلى جوار الحكومة فى دمشق، منذ بدء المأساة الحالية فى مدينة درعا عام ٢٠١١، ما كان للإيرانيين ولا لغيرهم وجود هناك، من النوع القائم حالياً!
كان ذلك فى مقر الخارجية السورية قبل ثلاثة أعوام، وقد تذكرت عبارة الرجل، عندما قرأت للوزير سامح شكرى، يوم ١٣ من هذا الشهر، أن مصر تؤيد عودة سوريا إلى الجامعة العربية!
وهذه فرصة أنتهزها لأدعو وزير خارجيتنا الهُمام، إلى أن تكون هذه المسألة محل اهتمام من جانبه، فى الفترة المقبلة، وأن تكون موضع تركيز أكثر، وأن ننتقل فيها من مربع تأييد العودة السورية، إلى مربع السعى إلى ذلك بكل قوة ممكنة، لتحويل الفكرة سريعاً إلى واقع حى داخل الجامعة!
وأتصور أن القاهرة يمكنها التعبئة للفكرة عربياً منذ الآن، لطرحها فى القمة الاقتصادية فى بيروت، فى يناير المقبل، فإذا فاتنا ذلك لضيق الوقت، فليكن فى قمة تونس فى مارس، لعل الوزير المعلم يحضر أقرب اجتماعات الجامعة على مستواها الوزارى!
وربما يكون الوقت الحالى هو الأنسب لتحويل فكرة الوزير شكرى إلى شىء حقيقى، تجرى فى شرايينه الدماء.. فمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دى ميستورا، سوف يغادر مهمته فيها آخر نوفمبر، بعد أن قضى أربع سنوات مبعوثاً يروح ويجىء، دون أن يقدم خلالها شيئاً للأشقاء السوريين الذين تشردوا فى كل أرض!.. ومن قبل دى ميستورا الإيطالى الجنسية، كان الدبلوماسى الجزائرى الشهير الأخضر الإبراهيمى، قد تردد على دمشق مبعوثاً لفترة، ثم غادر، ومن قبله كان الغانى كوفى عنان، أمين عام الأمم المتحدة الأسبق، قد بدأ مسيرة هؤلاء المبعوثين، أما الرابع المرشح هذه الأيام فهو النرويجى بيدرسون!
وسوف يغادر بيدرسون فى النهاية، كما غادر الذين سبقوه، دون شىء ينقذ الوطن السورى من العبث الحاصل على أرضه، لا لشىء، إلا لأن القضية السورية مُتداولة فى كل يد، منذ البداية، إلا أن تكون اليد يداً عربية!.. فهى مرة بين الولايات المتحدة وبين روسيا.. وهى مرةً ثانية بين موسكو، وطهران، وأنقرة.. ولا عاصمة عربية!
هذا وضع محزن لا يرضاه عربى أصيل لأى مواطن سورى، وقد كانت نتيجته أن المبعوثين الثلاثة الذين مضوا، وكذلك القادمين من بعدهم، يدورون حول الأزمة، ولا يقتحمونها.. فلم يكن دى ميستورا على امتداد سنواته الأربع، يسعى إلى حل شىء.. إنه يديرها ولا يحلها.. بالضبط كما يحدث مع القضية الفلسطينية ابتداء من عام ١٩٤٨ إلى هذه اللحظة!
سوريا غالية علينا جميعاً وتنتظر من القاهرة، ومن كل عاصمة عربية، ما يدفع الخطر عن عربيتها، وعن كيانها، وعن روحها.. ومصر تستطيع!
أرسل تعليقك