بقلم - سليمان جودة
دعت السيدة إيڤتا شولتسا، سفيرة جمهورية لاتفيا فى القاهرة، إلى احتفال بالعيد الوطنى للجمهورية، ولم تكن المفاجأة فى الحفل أنها أحضرت طباخاً خاصاً من لاتفيا، لإعداد عشاء المدعوين، ولكن المفاجأة كانت أن الحكومة هناك قررت مد خدمة سفيرتها فى مصر، أربع سنوات أخرى.. وعندما سألتُ عن سبب المد تبين لى أنه جديد تماماً، قياساً على الأسباب التى جرت العادة على مد خدمة السفراء على أساسها، فهو سبب اقتصادى بحت، ولا علاقة له بقواعد الدبلوماسية المتعارف عليها!.
وجمهورية لاتفيا.. لمن لا يعرف.. هى واحدة من ١٥ جمهورية استقلت عن الاتحاد السوفيتى السابق، بعد الإعلان عن سقوطه فى ديسمبر ١٩٩١، ولو أنت أحضرت خريطة لدول العالم أمامك فسوف تلمح موقع هذه الجمهورية هناك فى أقصى شمال غرب الاتحاد السابق!.
أما سبب مد خدمة سعادة السفيرة فهو أنها نجحت خلال سنوات قضتها بيننا هنا، فى أن يصبح الميزان التجارى بيننا وبينهم لصالح حكومة بلادها.. والمعنى أن صادراتهم إلينا صارت أكبر من صادراتنا إليهم، وبدرجة ملحوظة جداً!.
وبطبيعة الحال، فالصادرات بين أى بلدين تقع فى نطاق وزارات وأجهزة كثيرة، وهذه الأجهزة والوزارات تظل هى المسؤولة عن صعود مؤشر الصادرات أو تراجعه، ويظل السفراء آخر مَنْ يمكن أن نسألهم، أو نحاسبهم عن مثل هذا الملف.. ولكن تجربة لاتفيا فى المقابل تضع تقاليد جديدة فى ترقية ونقل السفراء، وهى تقاليد جادة للغاية كما ترى، كما أنها جديرة بأن نتأملها، وندرسها، لنستفيد منها.. إذا شئنا!.
مما يرويه محمد إبراهيم كامل فى مذكراته، أنه لما تقدم باستقالته من منصب وزير الخارجية إلى الرئيس السادات فى أثناء مفاوضات كامب ديفيد، التى جرت فى الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٧٨، طلب منه الرئيس أن يختار عاصمة أوروبية ليذهب سفيراً لنا فيها.. وتفهم من رواية الوزير كامل للواقعة أن المطلوب منه وقتها كان أن يطير إلى العاصمة التى سيختارها ليستريح، إذا كان التفاوض مع الإسرائيليين قد أرهقه!.
وكان كامل قد رفض العرض.. ولكن السبب الذى كان سيذهب من أجله سفيراً، يختلف تماماً عن السبب الذى دفع حكومة لاتفيا إلى التجديد لسفيرتها!.. إن دولة مثل لاتفيا تتطلع، وهى تعيد بناء نفسها، إلى العمل الدبلوماسى، ثم إلى وجود سفراء لها خارج حدودها، من منظور مختلف كلياً!.. إنه منظور يبدو وكأنه تجديد غير مسبوق، ثم تبدو هى كدولة وكأنها تريد أن تقول إنها تتعامل مع كل سفير لها فى أى عاصمة، باعتباره وزيراً للتجارة الخارجية فى مكانه، قبل أن يكون سفيراً يمثل رئيس بلده فى الخارج!.
ما رأى الوزير سامح شكرى.. وما رأى باقى مسؤولينا الذين يعنيهم أمر الميزان التجارى لنا مع كل دولة، وأيضاً ما رأى سفرائنا فى العواصم المهمة؟!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك