بقلم - سليمان جودة
تبدو تونس وكأنها على موعد فى كل صباح، مع تطور سياسى مثير، فلا يكاد يطلع عليها نهار إلا وتشهد حياتها السياسية مفاجأة لم تكن تخطر للمتابع على بال.. فإذا انتبهنا إلى أن هذا كله يجرى، بينما البلاد على مرمى حجر من انتخابات رئاسة وبرلمان معاً، أدركنا إلى أى مدى ترتبط مفاجآت السياسة فيها بالانتخابات التى ستجرى فى نوفمبر المقبل!.
آخر المفاجآت ليس أن يوسف الشاهد، رئيس الحكومة، قد أجرى تعديلاً أطاح بنصف وزراء حكومته تقريباً، فلقد كان هذا متوقعاً لدى المتابعين للشأن العام التونسى، ولكن المفاجأة الحقيقية أن الرئيس السبسى أعلن صراحةً عدم موافقته على التعديل الحكومى الذى أعلنه الشاهد!
والرئيس لم يعلن عدم موافقته شفوياً، ولكنه أرسل خطاباً بهذا المعنى إلى البرلمان، الذى سيكون عليه أن يمنح الحكومة الجديدة ثقته، أو يحجبها عنها فلا يمر التعديل!.
ثم كانت المفاجأة الأكبر أن الرئيس قال فى خطابه إن رئيس الحكومة كان قد أرسل إليه قائمة بأسماء مرشحة لدخول الحكومة ليست هى قائمة الأسماء التى دخلت التعديل فعلاً، وتم الإعلان عنها فى وسائل الإعلام!.. أما يوسف الشاهد فينفى ذلك، فى الوقت الذى يؤكده الرئيس وقيادات حزب نداء تونس.. الحزب الذى أسسه السبسى وفاز من خلاله فى انتخابات الرئاسة، وحصل به على أغلبية المقاعد فى البرلمان عام ٢٠١٤!.
ولكنها أغلبية دامت الى أيام قليلة مضت، عندما فوجئ الساسة التونسيون بكتلة برلمانية جديدة تتشكل، فتقوم على أكتاف نواب برلمان انسحبوا من حزب الرئيس، ليتراجع ترتيبه فجأة داخل البرلمان، ويصبح رقم ٣ بعد أن كان رقم ١، ويتقدم حزب حركة النهضة الإسلامية التى يرأسها الشيخ راشد الغنوشى، ويصبح هو رقم ١، بعد أن كان رقم ٢، أما الكتلة الجديدة المنحازة إلى حزب النهضة منذ تشكلت فى الترتيب الثانى!.
والسؤال الذى كان مطروحاً منذ بدء هذه التطورات المثيرة، ولايزال، هو عن علاقة حركة الشيخ الغنوشى بالمفاجآت التى وقعت، ثم بالمفاجآت المرشحة لأن تقع من هنا إلى نوفمبر المقبل!
فلم يمر أسبوع واحد منذ جاء الشاهد إلى رئاسة الحكومة، بتوافق وتحالف بين نداء تونس والنهضة، إلا والخلاف بينهما يتصاعد دون توقف.. فكلما أظهر حزب الرئيس رغبة فى تغيير الشاهد، أو حتى فى إجراء تعديل على حكومته، أعلن حزب النهضة تمسكه الكامل ببقاء الرجل وحكومته، مشترطاً عليه شيئاً وحيداً هو ألا يرشح نفسه فى سباق الرئاسة!.
كان الله فى عون تونس الخضراء، التى كلما ظنت أنها تجاوزت أجواء «الربيع» بدا أن أطرافاً لاتزال تأمل فى إعادتها إلى القلب منه من جديد!.
نقلا عن المصري اليوم
أرسل تعليقك