بقلم - سليمان جودة
هذا الشهر سوف تنتهى العلاقة الائتمانية التى ربطتنا بصندوق النقد الدولى، والتى دامت ثلاث سنوات تقريبًا، وحصلنا بمقتضاها على قرض 12 مليار دولار على دفعات!.
ومنذ ما قبل وصول العلاقة إلى نهايتها بشهور، كان هناك سؤال يتردد باستمرار عما إذا كانت علاقة جديدة من هذا النوع ستربطنا بالصندوق من جديد، أم أن اقتصادنا وصل إلى مرحلة يستطيع فيها أن يقف على قدميه، دون حاجة إلى قرض جديد؟!.
وكان هذا السؤال الحائر يجد إجابته لدى أكثر من مسؤول فى الدولة على مستويات مختلفة، وكانت الإجابة فى كل حالاتها تشير إلى أنه لا نية عندنا للحصول على قرض آخر من الصندوق، وأن العزم قد انعقد على ألا نذهب إلى الاقتراض منه مرةً أخرى!.
وكنت أصدق الإجابة فى كل حالاتها، مستندًا على تصريح للرئيس قبل فترة، كان يطلب فيه من الحكومة عدم طلب أى قرض من أى جهة دولية إلا بشرطين اثنين، أولهما أن نكون فى حاجة فعلية إلى القرض الذى نطلبه، وثانيهما أن نكون قادرين على سداده عندما يحين موعده!.
وكان الرئيس واضحًا فى هذه النقطة بما يكفى، وأظن أن وضوحه كان راجعًا إلى أنه يعرف جيدًا أن سياسة الاقتراض بوجه عام ليست من بين السياسات التى يجب أن تعتمد عليها الدولة فى بناء اقتصادها!.
وكان وضوح الرئيس فى تعليماته بهذا الشأن إلى الحكومة راجعًا أيضًا إلى أنه يدرك تمامًا أنه لا جهة فى العالم تمنح قرضًا لوجه الله، حتى ولو بدا القرض فى ظاهره بريئًا لطيفًا، وحتى لو بدا أن الجهة التى تمنحه تريد أن تساعد اقتصادنا على الانطلاق!.
ولكنى بدأت فى الأسابيع الأخيرة أشم رائحة الرغبة فى الذهاب إلى علاقة ائتمانية مع الصندوق من جديد، ولا أعرف ما إذا كانت هناك نية لذلك بالفعل!.. ولكن ما أتمناه أن تكون حاسة الشم عندى ضعيفة فى هذا الموضوع، وأن نكون فعلًا قد قررنا الاكتفاء بما اقترضناه!.
إننى أتابع معاناة بعض دول أمريكا اللاتينية هذه الأيام على المستوى الاقتصادى بالذات، وألاحظ أن بعضها يعود بأسباب معاناته إلى عواقب سياسات الصندوق معه، وليس سرًا أن مواطنين فى عدد من هذه الدول قد خرجوا يطلبون علنًا خروج الصندوق من بلادهم لأنه السبب فى المعاناة التى يجدونها فى حياتهم!.
أتصور أن كافة الجهات فى الدولة مدعوة إلى الالتزام الكامل بالتعليمات الرئاسية ذات الصلة بالموضوع حتى لا يأتى وقت يطلب فيه مواطنونا ما يطلبه مواطنون فى أنحاء من أمريكا اللاتينية!.. أتصور هذا، وأدعو إليه بكل قوة ممكنة!.
أرسل تعليقك