بقلم : سليمان جودة
كان رجب طيب أردوغان عُمدة على رأس مدينة إسطنبول ذات يوم، وكان كل عمدة فى المنطقة يريد أن يقلده، وأن يقدم فى مكانه ما قدمه أردوغان لمدينته، ولكن الزمان دار دورته لتنعقد انتخابات جديدة فى المدينة قبل شهور، فيسقط مرشح أردوغان، كما لم يسقط مرشح من قبل على رأس مدينة!
فلما أحس بأن انتخابات إسطنبول، ليست سوى خطوة أولى فى طريق السقوط الكبير، راح يفكر فى تعديل الدستور، لينزل بالحد الأدنى فى الفوز بالكرسى الرئاسى، فلا يكون شرطاً أن يحصل المرشح على خمسين فى المائة من الأصوات الصحيحة زائد واحد ليفوز، لولا أنه أدرك أن الأتراك لن يمرروا له ما يفكر فيه، فأقلع عنه وهو يشعر بأنه يمضى إلى مصيره المحتوم!
كان إحساسه، فى أعماقه، أنه لن يحقق نسبة النجاح فى سباق الرئاسة المقبل، وكان مثل أى غريق يتعلق فى أى طوق للنجاة!.. فالليرة التركية إلى النازل كل يوم، وطابور العاطلين يطول فى مطلع كل نهار، وما اجتمع مواطنان تركيان إلا وكان الحديث عن الفساد ثالثهما، ولم تصفعه اسطنبول كما صفعته، إلا لما رأت أن السلطة قد أفقدته عقله فأصبح يتخبط كمن أصابه مس من الشيطان!.
والمفارقة أن نتيجة انتخابات اسطنبول لما جرى إعلانها، تصور هو أن فى الأمر خطأً من نوع ما، فطعن فيها وطلب إعادتها، فلما طاوعوه وأعادوها جاءت النتيجة صفعةً من جديد على خده الأيسر، إذا اعتبرنا أن الأولى كانت على الخد الأيمن!
ورغم أنه يعيش فى رعب اسمه الأكراد، ويجاهد طول الوقت ليفصل بين أكراد بلاده، وبين أكراد الشمال السورى، حتى لا يلتقى الطرفان فى الطريق إلى إقامة دولة لهم، ورغم أنه لا يكاد ينتهى من هجوم عليهم فى شمال سوريا، إلا ليبدأ هجوماً آخر من جديد، إلا أن الهجوم الذى بدأه قبل أيام، ليس فيما يبدو لهذا الهدف وحده بالذات!.. فالهدف هذه المرة هدفان: واحد لأن الرعب الكردى يطارده فى اليقظة وفى المنام، والثانى- وهو ربما الأهم- أنه يريد الهروب من أزمات الداخل إلى الأمام!
فأحزاب المعارضة القوية.. وفى المقدمة منها حزب الشعب الجمهورى الذى فاز مرشحه فى انتخابات اسطنبول.. تدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وهو يعرف أن ذهابه إلى أى انتخابات، سوف يكون هو السقوط الأخير، ولذلك، فإنه يذهب إلى الجحيم ولا يذهب الى الانتخابات!.
وقد وصل إلى نقطة لم يعد فيها شخصاً مقبولاً على المستوى الدولى، ولا على المستوى الإقليمى، ولا حتى على المستوى التركى، وقد كانت انتخابات مدينته وكأنها صافرة الإنذار التى تسبق نهاية المباراة!.
أرسل تعليقك