بقلم : سليمان جودة
في أسبوع واحد، منح الرئيس الفلسطينى محمود عباس، وسام «نجمة القدس» إلى السفير نذير العرباوى، سفير الجزائر في القاهرة، ومنح البابا فرنسيس الأول، بابا الفاتيكان، وسام «قائد» مع نجمة للمستشار محمد عبدالسلام، المستشار القانونى السابق للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب!.
استوقفنى في الحالتين أن التكريم لقضية، ولإنسان، قبل أن يكون وساماً على صدر رجلين.. فالسفير العرباوى لا يجد فرصة مناسبة، إلا ويعلن فيها، أن الشعب الفلسطينى ليس فقط صاحب قضية، وإنما صاحب قضية عادلة، وأنه لهذا السبب يستحق دعماً من كل أصحاب الضمائر الحية!.
وحين وضعوا الوسام على صدره قال، إن ما يقوم به في نصرة القضية هو واجب كل جزائرى، وإن الوسام هو الأعز عنده، ربما لأنه يحمل اسم المدينة المقدسة التي عرفناها عاصمة لفلسطين، والتى سوف تبقى عاصم للدولة حين تقوم!.
ولا يزال الحس العربى لدى الجزائريين حساً قوياً، وقد كان هذا الحس محل معارك فكرية كبيرة في الجزائر، خصوصاً على مستوى التعليم ومقرراته في المدارس، وكان الذين يحملون هذا الحس في أعماقهم على يقين بأنه التزام أكثر منه مفردات في اللغة، على الجزائرى أن يتكلمها في حياته اليومية!.
وقد كانت سنوات الاحتلال الفرنسى هناك طويلة وثقيلة، وعندما قدمت الجزائر مليوناً من الشهداء في مقاومته، كانت تدافع عن حسها العربى الراسخ في وجدان مواطنيها، بقدر ما كانت تدفع عن أرضها طمع المحتل، وجبروته، وسوء تقديره!.
وأما المستشار عبدالسلام، فهو أمين عام «وثيقة الأخوة الإنسانية» التي وقّعها في أبوظبى أول هذا العام، رمزان دينيان هما الأكبر في العالم: الإمام الأكبر، والبابا فرنسيس.. وقد كانت الوثيقة الأولى من نوعها، وفى موضوعها، وفى توقيتها!.. كانت من حيث التوقيت ترغب في أن يكون عالمنا أكثر رحمة، وأقل قسوة، وأوسع عدلاً، وأقرب إلى مقاصد أديان السماء!.
وكانت تقول إن الإنسان حر، اعتقاداً، وفكراً، وإن الحرية قيمة عليا في حياته.. وكانت عند إطلاقها تدعو إلى المصالحة والتآخى ليس فقط بين المؤمنين بأديان السماء، وإنما أيضاً بين المؤمنين وبين غير المؤمنين.. فغير المؤمن حسابه أمام الله تعالى، وليس أمام بشر!.
كانت وثيقة يبدو هذا العالم الذي تمزقه الصراعات أشد حاجةً إلى الإنصات لصوتها، لعل الأرض تتسع لكل إنسان.. الإنسان الذي قال القرآن الكريم إن الله قد كرمه وحمله في البر والبحر!.. فالقرآن يتحدث عن أن السماء كرمت بنى آدم لأنه كذلك.. لا لأنه أبيض أو أسود، ولا لأنه مؤمن أو غير مؤمن.. كرمته لأنه إنسان!.
أرسل تعليقك