آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

التنسيق الإستراتيجى بين مصر والعراق والأردن

اليمن اليوم-

التنسيق الإستراتيجى بين مصر والعراق والأردن

بقلم - نيفين مسعد

ما أبعد الليلة عن البارحة, فى مثل هذا التوقيت منذ ثلاثين عاما، وتحديدا فى فبراير من عام 1989 نشأ تجمع فرعى بعنوان مجلس التعاون العربى وضم فى عضويته كلا من مصر والعراق والأردن واليمن. كان الظن حينها أن عصر التجمعات الفرعية قد بدأ وأنه يمكن أن يشكل قاطرة لدفع العمل العربى المشترك من خلال الربط بين هذه التجمعات كافة، فلقد كان مضى على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية ثمانية أعوام، وتزامن الإعلان عن مجلس التعاون العربى مع قيام اتحاد المغرب العربى. وفيما يخص مجلس التعاون العربى، فلقد حدد لنفسه عدة أهداف منها السياسى مثل تقوية الشعور بالوحدة العربية، ومنها الأمنى العسكرى مثل مواجهة تهديدات الأمن القومى العربى، ومنها الاقتصادى مثل تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدول الأربع. لكن تبين لاحقا أن هذا المجلس لم يكن إلا محاولة من العراق لتحييد الدور المصرى عما كان يتم التخطيط له أى غزو الكويت فى أغسطس 1990، لكن مصر وقفت إلى جانب دولة الكويت وشارك جيشها فى عملية التحرير.  وقبل بضعة أيام انعقدت فى القاهرة قمة ثلاثية بين الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى وملك الأردن عبد الله الثانى ورئيس وزراء العراق عادل عبد المهدى، وخرج البيان الختامى ليعلن، اعتزام القادة الثلاثة التعاون والتنسيق الاستراتيچى فيما بينهم وتعزيز التكامل بين دولهم اقتصاديا وسياسيا وثقافيا وأمنيا. هذه القمة تختلف اختلافا جذريا عن مجلس التعاون العربى الذى سبقت الإشارة إليه، ليس فقط من الناحية التنظيمية، حيث كانت للمجلس هيئة عليا وأخرى وزارية وأمانة عامة، أى كان له إطار مؤسسى متبلور، بينما، آلية القمة الثلاثية عبارة عن فريق عمل يتابع التنسيق فى المجالات المتفق عليها تحت رعاية القادة الثلاثة. لكن الاختلاف الأهم هو فى الفلسفة الكامنة وراء كلا الحدثين، فعلى حين أن مجلس التعاون كان يهدف إلى تكوين تحالف يدعم غزو الكويت فى مواجهة تحالف منتظر يعارض هذا الغزو، فإن القمة الثلاثية تحاول كسر الجمود الذى يميز نمط التحالفات فى المنطقة العربية.تصنف التحليلات السياسية كلا من مصر والأردن فى إطار ما يُعرَف باسم محور الاعتدال، وهو محور يضمهما معا إلى جانب دول الخليج ماعدا قطر، والملاحظ على هذا المحور أنه يتميز بدرجة عالية من الثبات فى بؤرته الرئيسيّة هذه، لكنه يتسع أحيانا ليشمل دولا أخرى كالمغرب والسودان واليمن. على الجانب الآخر يوجد ما يُطلَق عليه محور المقاومة أو الممانعة وهو يضم فى بؤرته الأساسية سوريا و إيران و حزب الله، وعدا هذا توجد سيولة تميز عضوية باقى الأطراف فتارة تقترب قطر من هذا المحور وتارة أخرى تبتعد، وتارة تُشكّل حماس عنصرا أساسيا من عناصر هذا المحور، ثم تأتى الثورة السورية لتبعدها عنه والحال نفسه بالنسبة لتركيا.

نأتى للعراق فإنه يقع فى منزلة بين المنزلتين إذا جاز التعبير، فهو بحكم علاقاته الوثيقة مع إيران منذ عام 2003 يدخل جزئيا فى محور المقاومة، وهو بحكم انفتاحه على محيطه العربى (خصوصا السعودية والإمارات والأردن ومصر) منذ ولاية حيدر العبادى فى عام 2014 ثم فى ظل الولاية الحالية لعادل عبد المهدى إنما يدخل جزئيا فى محور الاعتدال، ومن هنا فإن التنسيق الاستراتيچى بين مصر والعراق والأردن إنما يمثل حلقة وصل بين المحورين ويكسر فكرة الثنائية التى تميّز سياسة التحالفات القائمة.وعندما نتحدث عن التنسيق الاستراتيچى بين مصر والعراق والأردن، فإننا نأخذ فى الاعتبار جهدا كبيرا بُذل فى السنوات القليلة الماضية بين العراق والأردن من جهة وبين العراق ومصر من جهة أخرى، ومن يراجع كم الزيارات رفيعة المستوى وحجم الاتفاقيات وتنوع مجالاتها بين كل طرفين على حدة يدرك عمق هذا الجهد وأنه قد آن الأوان لتشبيك هذه الدوائر الثلاث، وهو ماحدث فى اجتماع القاهرة. إن هناك شبكة من المصالح المشتركة بين الدول الثلاث تفتح آفاقا واسعة للتعاون والتنسيق، فلقد اكتوت الدول الثلاث بنار الإرهاب، ومع أن «داعش» مُنى فعلا بهزيمة نكراء إلا أن أفكاره مازالت هائمة فى الفضاء العربى فى انتظار أن يلتقطها تنظيم جديد. وتحتل قضية إعادة الإعمار أهمية محورية بالنسبة للعراق، كما أن العقوبات الأمريكية على إيران لابد ـ ولو بعد حين ـ أن تؤثر على العراق بحكم العلاقة الوثيقة بين الاقتصادين العراقى والإيرانى، وبالتالى فإن الحضور العربى فى العراق، سواء من خلال مصر والأردن أو من خلال غيرهما، هو حضور مطلوب بل إنه ملّح. ولا ننسى أن استشراء النفوذ الإيرانى فى العراق كان بسبب الغياب العربى، وسوف تزيد أهمية العراق بالنسبة لإيران بسبب التضييق على وجودها فى سوريا ودخول إسرائيل بقوة على هذا الخط مدعومة من إدارة ترامب، وبالتالى فإن الصراع الأمريكى الإيرانى مرشح للانتقال من سوريا للعراق، ومن يتابع التهافت الإيرانى على العراق فى الشهور الماضية والتحذيرات الأمريكية من توسع النفوذ الإيرانى فى العراق يدرك هذه الحقيقة دون أى لبس.هل يمكن أن يلعب العراق دورا فى التمهيد لحوار عربى إيراني؟ ممكن، وقد سبق لحبيب الصدر سفير العراق السابق فى القاهرة أن ألمح لذلك بقوله إن العراق مستعد للقيام بأى دور لتنقية الأجواء فى المنطقة، لأن أى توتر فى علاقة إيران مع جيرانها ينعكس سلبيا على العراق. لكن أداء هذا الدور مرهون بأمرين، أحدهما أن تعيد إيران النظر فى سياستها الخارجية تجاه المنطقة العربية وتكف عن تدخلاتها التى لا تنتهى، والآخر أن تكون الدول العربية مستعدة لفتح صفحة جديدة مع إيران بعد إعادة ترتيب مصادر تهديد الأمن القومى العربى.

نقلًا عن الاهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنسيق الإستراتيجى بين مصر والعراق والأردن التنسيق الإستراتيجى بين مصر والعراق والأردن



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen