آخر تحديث GMT 08:03:06
الأحد 6 نيسان / أبريل 2025
اليمن اليوم-
أخر الأخبار

الديموقراطية... وسيلة أم غاية ؟

اليمن اليوم-

الديموقراطية وسيلة أم غاية

بقلم - عزمي عاشور

كان وصول ترامب إلى قمة السلطة في أميركا مفاجأة للجميع لكونه جاء من خارج سياق النخبة والمؤسسات السياسية، إلا أن دروس الاستفادة من هذه التجربة هنا كثيرة من بينها أن الديموقراطية، بشكلها الحالي في أميركا أو في بريطانيا أو في غيرها من الدول الغربية ما هي إلا وسيلة من بين وسائل أخرى تحقق غاية استقرار ورخاء هذه المجتمعات. ومن ثم يصبح النضال من أجل الديموقراطية في حد ذاتها بمثابة فهم خاطئ من كونها وسيلة للتحول إلى غاية حتى لو جاءت على حساب الاستقرار والرخاء المجتمعي.

فالمناظرات التي سبقت الانتخابات الأميركية منذ سنتين وانتخابات الكونغرس الحالية تظهر أن هناك سقفاً للمرشحين، فهم جاءوا ببرامج تعمل في إطار مؤسسات ودستور وقوانين الدولة الأميركية، وبالتالي فمن منهم يستطيع أن يخلق المعادلة بات يحقق الرفاهية والاستقرار للمجتمع من دون الخروج من هذا النطاق المؤسسي، فيصبح من المحرمات التسبب في ضرر لهذه المؤسسات كعملية التهرب من الضرائب عند ترامب أو إساءة استخدام السلطة عند هيلاري كلينتون. فتندهش أن مناظرات كلينتون وترامب السابقة على الانتخابات دارت في معظمها حول السياسة الداخلية وكيفية تخليق فرص عمل ورفع عجلة النمو وتقديم الرعاية الاجتماعية مثل قانون الرعاية الصحية وغيرها.

والسياسة الخارجية لم تخرج عن هذا الإطار سواء في الشرق الأوسط أو في غيرها من مناطق النزاعات حيث أميركا موجودة كقوة اقتصادية وعسكرية. وكانت المفارقة أن المرشحين اقتتلا؛ لدرجة التجريح الشخصي والضرب من تحت الحزام. ولم نشهد؛ رغم ذلك أي اهانة لأي مؤسسة صغرت أو كبرت على المستوى المحلي والفيدرالي كالمؤسسة العسكرية أو حتى المحكمة الدستورية ولا للدستور؛ بل قد تتحول سقطة من هنا أو هناك كتعليق ترامب على ظهور والد الضابط المسلم الذي قتل في العراق إلى طعنة للمرشح نفسه. وعندما حاول بسوء فهم أن يخلق تمييزاً بين الأميركيين بسبب الديانة أو الهجرة كانت بمثابة القشة التي قد تقسم ظهره لكونها ضد المبدأ الذي قامت عليه الدولة الأميركية لجهة التنوع في بوتقة الوطن الواحد.

ورغم ذلك؛ قد نجد تنافس حزبين اثنين يتداولان السلطة على مدار عمر ديموقراطية الولايات المتحدة الأميركية؛ أمراً يثير علامة الاستفهام حول معنى الديموقراطية بالفهم المجرد لها في عقولنا نحن. كما أن ظاهرة تداول حكم العائلات بدأت تأخذ مجراها في الحياة الأميركية مع آل بوش وكادت تنجح مع آل كلينتون، وربما تشهد السنوات القادمة دخول ميشيل أوباما على الخط نفسه. ذلك يطرح أيضاً علامات استفهام حول المناخ الذي تعمل في ظله الديموقراطية الأميركية. كما أن دور المال أصبح مريباً؛ وهو ما استفز ترامب نفسه بعدما لاحظ المبالغ الطائلة التي أُنفقت على حملة هيلاري كلينتون. ورغم ذلك فإن الممارسة تؤكد أن الديموقراطية هي أفضل الوسائل التي يمكن من خلالها الحفاظ على استقرار وازدهار كيان الدولة. ولكن المشكة عندنا نحن العرب تكمن في أننا نريد تطبيق الديموقراطية بشكلها المثالي المجرد، مع أنها أمر مستحدث مقارنة بالدولة كمفهوم عُرف منذ آلاف السنين. وبالتالي، فإن فكرة الدخول في حرب مع الدولة ككيان جغرافي باسم الديموقراطية تعتبر خطأ كبيراً.

ويمكن القياس على تجربة «الإخوان» في مصر وكيف نظروا إلى الديموقراطية باعتبارها وسيلتهم لبلوغ الحكم. وهذا الأمر تعدى «الإخوان» ليصبح صداعاً في رأس مَن يدعون أنهم يطالبون بالديموقراطية، فمن أجلها يريدون هدم المعبد على مَن فيه، ويدخلون في تحد مضاد مع مؤسسات كالمؤسسة العسكرية مثلاً، التى لم يجرؤ أي مرشح أميركي أن ينالها بسوء في بلده. طبيعي أن تكون مجتمعات هذه المنطقة حقل تجارب وتكون المحصلة فهماً قاصراً للديموقراطية. فالديمقراطية لا تكون في صحراء جرداء ولكن بين بشر يرضخون للقوانين من دون تمييز. هي كوسيلة قد تأتي بمَن يحافظ على الدولة. وهي في عقول مَن يفهمونها كغاية، تفتح الطريق لضياع الأوطان كجغرافيا وبشر.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديموقراطية وسيلة أم غاية الديموقراطية وسيلة أم غاية



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 21:58 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نهضة مصر تطرح أول نسخة عربية لرواية "أبناء الدم والعظم"

GMT 17:02 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 07:17 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السمك الحار بصلصة جوز الهند على الطريقة التايلندية

GMT 00:33 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

كيكة صيامي فانيليا و شيكولاتة

GMT 21:13 2016 الخميس ,07 إبريل / نيسان

ارتفاع عدد المشروعات العقارية في دبي بنسبة 78%
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen