بقلم - جلال دويدار
أثبت وأكد الشعب السوداني الشقيق في غضباته من أجل الحياة الكريمة السياسية والمعيشية.. إصراره وتصميمه وصموده. هذه الحقيقة تشهد بها مظاهراته الحاشدة من أجل إنهاء حكم المشير عمر البشير الذي تواصل علي مدي ٣٠ عاماً.
هذا الحكم فشل في تحقيق تطلعات وآمال الشعب سواء علي المستوي الداخلي او الخارجي. حدث ذلك نتيجة ما اتسمت بها سياسات هذا النظام بالتحالفات المشبوهة وعدم المصداقية والجنوح إلي التلون. لم يقتصر الامر علي هذا إنما شمل فشله ايضاً.. القصور السياسي في معالجة القضايا والمشاكل مما عرَّض أمن ووحدة السودان للخطر. تجسد ذلك في اعتماده علي المعالجة الامنية والعسكرية لمواجهة مطالب بعض الأقاليم ومنها إقليم دارفور.
كان من نتيجة ذلك سقوط آلاف الضحايا من السودانيين الدارفوريين. تصاعد الخسائر البشرية كان نتيجته إقدام المحكمة الجنائية الدولية علي إصدار امر باعتقال البشير لمحاكمته جنائياً. افتقاده للحكمة السياسية للوصول كان وراء عدم التوصل الي انهاء هذه المشكلة. كان تكراراً للحرب التي قامت مع مواطني جنوب السودان وانتهت بانفصاله واستقلاله.
من ناحية أخري فإن من شواهد عدم شفافية ومصداقية سياساته العربية والاقليمية.. نقضه للعهود والوعود. انه وجد في سياسة كل من قطر وتركيا وإيران انسجاماً مع توجهاته حيث احتضن هو الآخر جماعات الارهاب الإخواني الهاربة من مصر بالاضافة الي بعض زعماء الارهاب العالمي.
لم يضع في اعتباره العلاقات التاريخية المصرية التي تربط مصر بالسودان والقائمة علي المصاهرة والمصالح المشتركة الوطيدة التي تربط شعبي البلدين. حدث هذا رغم ان مصر لم تألوا جهداً عن تقديم كل ما يحتاجه السودان من مساعدة وآخرها العمل علي تخفيف ازمة الطاقة الكهربائية.
علي ضوء التطورات الاخيرة المتمثلة في غضبة الشعب السوداني التي انتهت بعزل البشير.. فانه ليس امام الدولة المصرية سوي الترقب ومتابعة الاحداث. يأتي ذلك التزاماً بثوابتها القائمة علي عدم التدخل في الشئون الداخلية لاي دولة.
ان تمسك الشعب السوداني بالعزيمة والاصرار علي مطالبه.. كان وراء تلك التغيرات التي لحقت بالمجلس الانتقالي وتوجيهاته. جاء ذلك خضوعا للمطالب الجماهيرية بحتمية الخلاص من كل المحسوبين علي نظام البشير في الجيش وأجهزة الأمن. كان تشكيل حكومة مدنية مطلباً رئيسياً وهو ما تم الاستجابة له أيضا علي أساس تقديم المعارضة أسماء حيادية لأعضائها ورئاستها. رغم ذلك فأن المظاهرات مازالت متواصلة الي ان يتم تنفيذ كل المطالب.
ليس هناك ما نقوله ونحن نشاهد سلمية وحضارية هذا التحرك الشعبي السوداني لتغيير الواقع الذي يعيشه سوي انه يستحق تعظيم سلام. احتراماً وتقديراً. حول هذا الشأن فإننا نتمني للسودان الشقيق ان تتوافر له كل سبل العيش في استقرار سياسي وأوضاع معيشية تتسم بالرخاء والكرامة بما يتناسب مع ما يملكه من ثروات ومقومات
أرسل تعليقك