بقلم - محمد أمين
ألف باء الإعلام أن يكون المذيع أو الصحفى موثوقاً فيه ومحل ثقة حتى تصدقه فيما يقول أو يناقش من موضوعات.. فهل العلاقة بين الرسالة والمرسل هى الفيصل فى تقبل الناس لها أم لا؟.. طبعاً بالتأكيد العلاقة بين الرسالة والإعلامى علاقة طردية، إما أن يتقبلها الرأى العام أو لا.. فمثلاً إذا كانت معلوماتك عن مذيع أنه متحرش ثم رأيت أنه يدعو إلى تبنى حملة لوقف التحرش أو التوعية بخطورة التحرش هل تصدقه فى هذه الحالة؟.. وهل تصدق مذيعاً يتحدث عن الفقراء وهو لا يسهر هنا وهناك ويسافر إلى كل بلاد العالم، ويرتدى الساعات الفاخرة ويتقاضى مرتباً بمئات الآلاف؟!
أيضاً علاقة الجمال بالرسالة والمرسل مهمة.. يعنى ممثلة جميلة مثل يسرا حين تدعو إلى عدم التحرش تصدقها، ولكن مذيعة أخرى أو كاتبة صحفية ليست جميلة لا تصدقها.. معناه هناك علاقة بين طبيعة الرسالة وطبيعة المرسل.. وهى ألف باء فى قسم الإذاعة بكلية الإعلام جامعة القاهرة.. فمذيع البرامج الحوارية غير مذيع النشرة.. ومذيع الفن غير مذيع الاقتصاد.. قد لا تصدق الأول حين يتحدث عن الاقتصاد أو الأخلاق.. أو مذيع مشهور بالابتزاز حين يتحدث عن الفضيلة.. العلاقة قائمة طول الوقت بين الرسالة والإعلامى!.
فأنت تصدق واحداً ولا تصدق الآخر.. وحين تحدثت سمية الخشاب عن التحرش أمس، وقالت إنها تعرضت للتحرش تصدقها، ولكن تأخذ عليها أنها لا تعطى الفن حقه، وتعرض نفسها للتحرش المعنوى والتحرش اللفظى أيضا.. وتحزن أن أخبار سمية فى صفحات الحوادث أكثر من صفحات الفن.. وهى تشغلنا بين حين وآخر بمشاكل الزواج والطلاق والنفقة والمتعة وغير ذلك من محاضر الشرطة وجلسات التقاضى.. مع أنها كانت مشروع ممثلة رائعة منذ ظهرت زمان فى مسلسل الضوء الشارد!.
على أى حال، عندنا نماذج حية كثيرة يمكن أن تضرب بها المثل فى سياق العلاقة بين الرسالة والمرسل أو طبيعة البرنامج والمذيع.. أنت تعرفهم جيداً.. بعضهم حاول أن يغسل سمعته وبعضهم حاول أن يبدو ثائراً.. وبعضهم حاول أن يكون معارضاً.. والناس لم تصدق مدعى الثورة ولا المعارضة!.
الناس تعرف قصة حياة كل مذيع.. من صنعه مذيعاً وكيف استمر.. وكيف كان يبتز ضيوفه وكيف كان أخلاقياً فى التعامل مع مهنته ووظيفته.. للأسف الذين تمسكوا بالأخلاق تساقطوا على امتداد الطريق.. ولن تستطيع أن تصنع إعلاماً جيداً دون أن تعتمد على كفاءات حقيقية وليس تجاراً أو بتوع بيزنس!.
باختصار، لو أن فاتن حمامة كانت تقود حملة ضد التحرش فسوف تنجح بلا جهد كبير.. لأن الناس تصدقها وتحترمها وتعتبرها سيدة الشاشة المتسقة مع نفسها، وحياتها أقرب إلى حياة معظم الناس.. ولو أن أبلة فضيلة توفيق كانت توجه أى حملة عن استخدامات لبن الأطفال والرضاعة الطبيعية فسوف تنجح فوراً لأن الناس كانوا يصدقونها ويسمعون كلامها وينتظرون رسالتها وحكايتها اليومية!.
نريد جيلاً يصدقه الناس ويستمعون إليه وينتظرون رسالته.. وساعتها سوف تنجح الرسالة!.
أرسل تعليقك