آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

مخالب المحتكرين

اليمن اليوم-

مخالب المحتكرين

بقلم - أمينة خيري

وها هى فرصة ذهبية أخرى فى الإمكان اقتناصها، أو تركها تمضى كما مضت غيرها. حرية الاعتقاد، واحترام الآخر، والتوقف عن هذا الشعور الفوقى الذى زرعه مشايخ الظلام والجهالة واحتكار التفسير بأن المسلم وحده هو الذى سينعم بالجنة، فيما يحترق الآخرون فى نيران جهنم!

جهنم الحمراء تسللت إلى فكر شعب مصر وعقيدته وتفاصيل حياته اليومية وقيم ومعانى الخير والجمال والتسامح والاستمتاع بالحياة، فنالت منها، وحولته مسخاً، لا هو يمت بصلة لحضارات عريقة صنعها، ولا هو متجذر فى ثقافات جهالة وظلامية تسللت إليه. وحين تتسلل فرصة ذهبية يتم إلقاؤها فى ملعب الراغبين فى التصحيح والمشتاقين إلى التصويب، فإن الواجب اقتناصها، والمفروض الإمساك بتلابيبها، حتى لا تلفت كما أفلت ما سبقها.

سبق أن فاجأ الرئيس السيسى العالم والمصريين بدعوته الجريئة، التى طال انتظارها على مدى عقود، لتجديد الخطاب أو تصويبه أو تحديثه أو تنقيته مما شابه من عكارة تضخمت وتورمت حتى كبست على أنفاس الدين نفسه. وقتها نظر إليها العالم باعتبارها دعوة لثورة فكرية لإنقاذ الدين مما وقع فيه، وإنقاذ المتدينين من فقاعة التديين الذى حصل مشايخ بأعينهم على حق حصرى لزرعه فى القلوب واحتكار لغرسه فى العقول. لكن حدث ما حدث، وتم تغافلها وتجاهلها، بل ومحاربتها وتشويهها.

تشويه الدعوة الجديدة والجريئة التى انطلقت من «منتدى شباب العالم 2018» فى شرم الشيخ بدأ بالفعل. فحديث الرئيس عن حرية الاعتقاد وتوجُّه الدولة لبناء الكنائس فى المجتمعات الجديدة بعد قرون من الشد والجذب، وإشارته عن بناء أماكن عبادة أخرى فى حال كان هناك أتباع ديانات أخرى، وحق الجميع فى أن يعبدوا أو لا يعبدوا، تسلمه متعهدو التشويه ومسئولو التنبيط ومتخصصو حماية مصر الظلامية، معتنقة النسخة المتاحة للتدين، المقبلة من العصور الوسطى.

وما كان صالحاً أو مقبولاً أو معمولاً به فى العصور الوسطى ليس كذلك فى العقد الثانى من الألفية الثانية. فلا قواعد العقل النقدى ستسمح بذلك، ولا قيم العصر الرقمى ستتيح ذلك، ولا جيل«Z» سيلقى بالاً من الأصل.

جيل «Z» المولود فى التسعينات والألفينات ليس كغيره. وهو الجيل الذى يعتقد مشايخ الاحتكار ومنتفعو التغييب والتجهيل والظلام والقبح أنه سيسلّم كما سلّم غيره، وسيخضع كما خضع من سبقه، وستصطك أسنانه وترتعد أوصاله حين يصرخ كبيرهم مهدداً بالثعابين ومنذراً بعذاب أليم وملوحاً بخطورة العقل ومغبة المنطق وجسامة النقد. ولأن أولئك المحتكرين للتفسير والمنتفعين من الجثوم على صدور المسلمين ينتفعون بالسلطة والمال، ويسعدون بالهيمنة والاحتكار، ومعتادون على أن يصدق أتباعهم على كل ما يتفوهون به بقولهم «آمين»، فإنهم لم يكلفوا خاطرهم البحث فى مقومات جيل جديد مختلف كل الاختلاف.

ولأن كلمة الاختلاف تثير الرعب فى قلوب أولئك، ومفردات النقد غير واردة فى قواميسهم، ومعانى النقاش وإخضاع الحياة للمنطق لم تخطر على بالهم، فإن الصدام سيكون مريعاً. والصدام المقصود ليس بالضرورة ثورة عارمة، أو فورة صاخبة، لكنه صدام الانفصال التام بين واقع جيل مقبل لا يمت للعصور الوسطى بصلة، ومتعهدى توريد تفسيرات ظلامية وتشبث بقيم ظلامية.

ظلامية ما خاضته مصر من تأسلم مستورد، وشيطنة كل ما يمت بصلة للفن والجمال والتفكير والمنطق، وتعطيل عقول الناس من منطلق الحلال والحرام الذى تم تفصيله بمقاييس بشرية لا تمت بصلة لسماحة الدين وتيسيره للحياة، واضحة فى كل ركن من أركان حياتنا. ولأننا نغضب جداً وننتفض جداً وتُستنفر كرامتنا جداً حين يتفوه أحدهم بحقيقة نعيشها وواقع قبيح اعتدناه حتى صار أمراً عادياً، فإن واجبنا أن نغضب وننتفض وتثور كرامتنا لأننا سلمنا عقولنا وقلوبنا وحياتنا وتعليمنا وثقافتنا، وكل تفصيلة كبيرة وصغيرة من حياتنا، لزمرة من المحتكرين يتوارثوننا ويلعبون بنا الكرة ويدفعوننا دفعاً نحو القاع.

القاعة التى عجّت بالتصفيق لما قاله الرئيس السيسى من حتمية تصويب الخطاب والنظر بعين الاعتبار إلى ما ألمّ بكل ما هو «إسلامى» يجب أن تقتنص الفرصة وتعاود محاولة استعادة مصر واسترداد المصريين من مخالب المحتكرين.

نقلا عن الوطن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخالب المحتكرين مخالب المحتكرين



GMT 04:34 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

حرائق أوروبا مظهر لمخبر

GMT 16:49 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أرض العلم

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... قراءة في تفاصيل الأزمة

GMT 04:40 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

احذروا «يناير 2019»
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 07:18 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

برونو مارس يُعلن فوزه بـ " جائزة غرامي " لأغنية العام

GMT 19:30 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 08:30 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

سوبارو تكشف عن سيارة جبارة للطرق الوعرة

GMT 13:56 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 03:13 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 01:54 2017 الأحد ,15 كانون الثاني / يناير

بيلا حديد تبرز في ثوب أبيض في شوارع نيويورك

GMT 10:32 2021 الإثنين ,19 تموز / يوليو

ظروف معقدة يستقبل بها اليمنيين عيد الأضحى

GMT 23:55 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الجزيرتان كشفتا عيوبنا

GMT 11:10 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

زوجة تضع المنوّم لزوجها لتتمكن من خيانته مع جارهما

GMT 14:26 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

"جونو "تدور حول كوكب المشتري منذ العام 2016
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen