بقلم - عبد اللطيف المناوي
ما زالت الشكوى من نقص الكفاءات التى تتولى العمل العام، ولكنى أظن القول ليس كله حقيقة. نعم هناك ما يبدو أنه إحجام من بعض الكفاءات عن المشاركة فى تولى مسؤولية فى الوقت الحالى، وذلك لأسباب بعضها حقيقى وبعضها مبالغ فيه. لكن الأمر الأكيد أيضا أن هناك كفاءات قررت مواجهة التحدى والعمل فى ظل بيئة ليست إيجابية دوما، ويمكن تسمية مجموعة منهم، والواقع أن تحديدهم ليس صعباً، ومن بين هؤلاء السفيرة نبيلة مكرم عبيد، وزيرة الهجرة، ليس صعبا اكتشاف قدرتها وحماسها للإنجاز، وبدا هذا فى عدة مناسبات. تمكنت بالوزارة الصغيرة ذات الإمكانيات المحدودة أن تمارس نشاطاً ملحوظا لدى الناس. ولكن يظل السؤال الذى تكرر فيما كتبت على مدى اليومين الماضيين: هل ينجح العزف المنفرد فى تحقيق الهدف؟، هل العزف المنفرد دون «نوتة» يعزفها جميع المسؤولين يمكن أن «يطرب» أم ستكون النتيجة عزفا متقاطعا لا ينجح فى تحقيق الهدف؟.
حضرت جزءا من فعاليات المؤتمر الذى يحمل اسماً موحياً «مصر تستطيع» فى نسخته الرابعة تحت شعار «التعليم»، باعتباره عنصر الاستطاعة الرئيسى لأى مجتمع يهدف إلى الانطلاق. فيما سمعت وشعرت، فإن اهتمام الدولة بدا أقل مقارنة بالنسخ السابقة، أقله- كما ذكر الزميل محمد أمين- غياب رئيس الوزراء.
الموضوع المطروح غاية فى الأهمية كما ذكرت، حضر المسؤول الأول عن ملف التعليم دكتور طارق شوقى واكتفى بطرح رؤيته فى حوالى الساعة، واشترط كما علمت ألا يناقشه أحد أثناء عرضه، ولم يحضر أى جلسة أو ورشة عمل حضرها القادمون من الخارج للمشاركة بما لديهم من علم وتجربة. اكتفى المسؤول بقول كلمته ورحل.
جزء أساسى وكبير من نجاح المؤتمر يعود إلى شخصية الوزيرة نفسها بما تمتلك من لباقة وقدرة تواصل وبلاغة وإصرار، ولكن هل كل هذا وحده كاف؟. يقولون إن استدامة النجاح أكثر أهمية من مجرد تحقيقه، فهل المعطيات المحيطة والتراجع النسبى للاهتمام لدى الدولة بملفات مهمة يمكن أن تضمن استدامة ولو فى جزء مما يحدث؟. فى هذا الملف على الأقل هناك حاجة إلى تعريف مفهوم من هو العالم؟، وما هو البرنامج الذى يجب أن تتعاون فيه أجزاء الدولة لتحقيق الاستفادة القصوى من العلماء الحقيقيين. وأهمية تواصل أجزاء الدولة لتستفيد وتدعم وتتكامل مع بقية أجزائها النشطة، وهذا لا يكون بالحضور البروتوكولى.
قد يكون من المناسب الآن أن أطرح مفهوم «النوتة» الموسيقية للعازفين المنفردين بعد هذه الإشارات السريعة خلال الأيام الماضية. المقصود هنا، ببساطة، وجود ما يطلق عليه «ماستر بلان» أو رؤية شاملة تجمعها وتحكمها رؤية علمية وخطط علمية يعرف فيها كل «عازف» حدود دوره ومناطق تعاونه مع الباقين، التعاون والتنسيق هنا إلزام وليس تفضلاً. لكن الأساس يبقى فى وجود الماستر بلان والأدوار المحددة لكل طرف مع حرية القرار فى إطار الرؤية العلمية العامة، وفوق كل هذا مايسترو يؤمن بالرؤية ويقود لضمان نجاح اللحن بلا سيطرة ليس مجالها العمل المشترك الناجح.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك