بقلم - عبد اللطيف المناوي
التخطيط السليم يبدأ عادة من الدراسات التى تجريها الهيئات ذات الصلة على الأرض. كثير من المبادرات الرئاسية أو الحكومية أو حتى المجتمعية، التى تستهدف العدالة الاجتماعية للمواطنين، كانت ستذهب سدى، لولا النزول إلى الأرض، وإجراء دراسات مسحية لاحتياجات المواطنين.
مثلاً، مبادرة «حياة كريمة» الأخيرة التى أطلقها الرئيس، والتى استجابت لها وزارة التضامن الاجتماعى بالتنسيق مع كبريات المنظمات والجمعيات الأهلية العاملة فى مجال التنمية لتوجيه جهودها إلى أكثر 100 قرية فقيرة فى مصر، لم تكن لولا خرائط محددة وواضحة، تعتمد الأسلوب العلمى كمنهج لها.
منذ فترة ليست بالبعيدة أكدت على ضرورة احتياج الدولة المصرية لخريطة احتياجات محددة، وهى خريطة مثلها مثل عديد من الخرائط التى تسلط الضوء على اتجاه معين، فهناك على سبيل المثال الخريطة الجغرافية التى توضح التضاريس والمساحة وتقسيم البلدان، وهناك خريطة استثمارات توضح فرص الاستثمار الموجودة فى الدول، وهناك خريطة معادن توضح أماكن انتشار المعادن بمختلف أنواعها.
زعمت وقتها أن مصر تحتاج إلى مثل هذه الخريطة، بقدر احتياجها أيضاً إلى مؤسسات وأشخاص داعمة، ومن ثم توجيه الأموال إلى مصادر الاحتياج المختلفة بطريقة فعالة ومؤثرة.
كانت المشكلة وقتها طريقة توجيه تلك الأموال، فكان الحل لضبط حركتها وتوجيهها لأماكن الاحتياجات هو أن تعلن الدولة عن تلك الخريطة، ثم تترك لرجال الأعمال والمؤسسات الخيرية والمبادرات حرية التحرك والمساهمة فى التنمية- وفق ضوابط وحدود يضعها القانون- من أجل تحديد احتياجات كل قرية أو مدينة فى مصر، فربما تحتاج إحدى القرى إلى مدرسة أكثر من احتياجها إلى مستشفى فى هذا الوقت، وربما تحتاج مدينة أخرى إلى مشروع للصرف الصحى أكثر من احتياجها إلى مدرسة، وربما تحتاج قرية ثالثة إلى تجديد شبكة الكهرباء.
وأهمية الخريطة ليست فقط فى تحديد احتياجات كل قرية ومدينة، بل فى أنها ستسلط الضوء على احتياجات بعض الأماكن التى ربما لم يلتفت إليها أبداً صناع المبادرات ورجال الأعمال لبعدها أو عدم الالتفات إلى احتياجاتها الحقيقية.
وعندما يتم نشر هذه الخريطة على نطاق واسع سيكون أمام الجميع خريطة بكل الاحتياجات المصرية الحقيقية للأماكن التى غابت عنها عين التنمية أو التى تحتاج إلى علاج عاجل لمشاكلها.
ما نستطيع التأكيد عليه فى هذا الوقت هو أن الدولة المصرية استجابت- بطريقة أو بأخرى- لهذه المبادرات والأطروحات والأفكار، وتبقى فقط طرق التنفيذ التى نطمح إلى أن تكون وفقا لتلك الخرائط المهمة، ووفقا لمنهج علمى قائم على الدراسات.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك