بقلم - جيهان فوزى
بين النفى والتأكيد تعيش غزة على صفيح ساخن، أجواء ملبدة بغيوم حرب شاملة تهدد بها إسرائيل بين حين وآخر، فيما يلوح بعض قادتها المتطرفين باغتيالات ميدانية لقيادات من حماس، على رأسها يحيى السنوار رئيس الحركة فى غزة، ويبدو أن سعى الدبلوماسية الأممية لم تأت بأُكلها نظراً للفجوة الكبيرة بين الآراء بشأن وضع غزة وظروفها المضطربة، هناك تلويح من بعض الوزراء الإسرائيليين بإعادة احتلال غزة عبر حرب عسكرية واسعة ستشنها إسرائيل فى الوقت المناسب، إلا أن هذه التصريحات لاقت تحفظاً من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مطالباً وزراءه عدم الإدلاء بتصريحات منفلتة والالتزام بما جاء فى مجلس الوزراء المصغر «الكابينت» من قرارات وعدم إطلاق التهديدات أو التلويح باغتيالات محتملة، وبالذات بعد أن بدأت العملية العسكرية السرية التى نفذتها إسرائيل قبل أسبوع التى قتل على أثرها ضابط كبير من وحدة النخبة الإسرائيلية وستة من عناصر حماس، تتكشف خيوطها والهدف منها عبر تسريبات من الإعلام والجيش الإسرائيلى، فقد كانت قاب قوسين أو أدنى من بيت السنوار، بما يعنى أن السنوار كان مستهدفاً وربما جاءت لاغتياله!.
حالة التأهب الحذر والاستعدادات الميدانية لأجنحة الفصائل الفلسطينية العسكرية على أشدها، وسط مخاوف من مواجهة حرب محتملة تستعد لها إسرائيل فى أى وقت رغم التهدئة، حتى لا يباغتهم العدوان مثلما حدث أواخر عام 2008، وهذه عادة بنيامين نتنياهو عندما يفقد الدعم السياسى يقوم بصرف الأنظار عن المطالبات بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بشن حرب عدوانية على قطاع غزة، حتى يكتسب التعاطف الشعبى والدعم السياسى، فاستقالة وزير الأمن أفيجدور ليبرمان وتعالى أصوات الأحزاب المتطرفة بإجراء انتخابات مبكرة، أشعرت نتنياهو بالهزيمة وربما يخسر ائتلافه الحاكم، ورغم المحاولات الحثيثة التى مارسها للضغط على الحكومة بعدم اللجوء إلى انتخابات مبكرة ونجاحه فى ذلك، إلا أن مستقبله السياسى على المحك، ولا ننس أن وزير الأمن الإسرائيلى السابق أفيجدور ليبرمان قد دأب قبل توليه هذا المنصب على التوعد باغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية، فى حال لم تعد حماس جثتى جنديين ومواطنين إسرائيليين خلال 48 ساعة. وفى أعقاب الاشتباكات الأخيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية الأسبوع الماضى واستقالة ليبرمان، قال أعضاء كنيست من المعارضة إن هنية أطاح بليبرمان فى أقل من 48 ساعة، فى هذه الجولة القتالية التى دامت 44 ساعة. لكن كانت النتيجة استقالة ليبرمان لرفضه وقف إطلاق النار واستئناف محادثات التهدئة بين إسرائيل وحماس بوساطة جهات إقليمية ودولية، حتى الآن ليس واضحاً سبب هذه التهديدات الإسرائيلية لحماس ورئيسها يحيى السنوار، إلا أن المؤكد أن العملية العسكرية الأخيرة نشبت بعد اعتراض كتائب القسام لقوة إسرائيلية خاصة كانت توشك على تنفيذ عملية سرية فى منطقة خان يونس وقتلت قائد الوحدة. فيما رجحت تقارير إسرائيلية أن الوحدة الخاصة كانت تعتزم زرع أجهزة تنصت فى تلك المنطقة، وهو ما أكده المحلل العسكرى «رونى دانييل»، الذى قال إن الوحدة الخاصة كانت تعمل بجوار بيت السنوار، فى تلميح إلى أنه ربما يكون منزل رئيس حماس فى غزة المستهدف فى هذه العملية، وفى كل الأحوال فإن الخلاصة مما حدث وما زال يؤكد أن إسرائيل تأخذ فى حساباتها السياسية والعسكرية الحرب الشاملة والحاسمة على محمل الجد.
غزة تدور فى حلقة مفرغة من الشد والجذب، المد والجزر بين حماس وإسرائيل من جهة والسلطة الفلسطينية وحماس من جهة أخرى، سكانها رهائن تخضع للمزاج السياسى للقيادات السياسية سواء فى السلطة أو حماس أو إسرائيل، ينتظرون الفرج ويطوقهم شبح الحرب، وظلام الدمار ورائحة الموت، قابعون على صفيح ساخن يترقبون قرار حسابات المصالح سواء الحرب الحاسمة أو الاستمرار فى الموت البطىء.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك