بقلم - نشوى الحوفى
كان لى، يوم الثلاثاء الماضى، شرف حضور إعلان نتائج أحد المشاريع المشتركة بين الاتحاد الأوروبى والجامعة الأمريكية بالقاهرة لتطبيق مفهوم التنمية المستدامة على بعض المدارس الحكومية فى منطقتَى الوراق وبولاق الدكرور. المشرف على المشروع وصاحب مبادرته هو الدكتور هانى سويلم، أستاذ المياه والتنمية المستدامة بجامعة أخن بألمانيا وبالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بينما مساعدوه طلبة الجامعة والدارسون للدراسات العليا بها.
بدأ التفكير فى المشروع منذ العام 2005، بعد إعلان اليونيسكو عام 2004 مفهوم التنمية المستدامة فى التعليم. ليسارع الدكتور هانى سويلم لبحث كيفية تطبيقه فى مصر فى عدد من المدارس الحكومية، باحثاً عن التمويل، ومن قبله الفكر الذى يجب الاعتماد عليه فى التطوير. فالفكرة لا تقوم على تطوير الجدران والمقاعد وحسب، ولكنها تقوم بالأساس على تطوير الإنسان بتطوير فكر المدرس ومنحه الإمكانيات لتوصيل ذات المنهج الحكومى -المشكو فى حقه- ولكن بأسلوب مختلف وخلفية منفتحة تستخدم كل الأساليب التى لا علاقة لها بالإمكانيات المادية، ولكن بالإمكانيات الإنسانية. ومن هنا كان استقدام خبراء من دول عدة فى العالم، لا لفرض تجربتهم، ولكن لطرح رؤاهم واستخلاص تجربة مصرية خالصة فى النهاية تعبّر عن فكر التطوير المرجوّ بحق فى التعليم.
تأملت الفيلم التسجيلى العارض لحال المدارس والمدرسين قبل التطوير، واستمعت لكلمات الشرح من الدكتور هانى سويلم وهو يتحدث عن صعوبة البدايات فى إقناع الجميع بالتطوير أمام جزئية ضعف الراتب. وكيف تجاوز هو تلك الأزمة بعبارة واحدة لهم مفادها: «أعلم حقكم فى راتب عادل، ولكنى مؤمن بحقكم فى تطوير الأداء الذى سيجلب لكم ما تسعون له». ومن هنا كانت البداية التى تضافرت فيها كل الجهود لتحقيق الحلم. معلمون يتدربون على تدريس المنهج بالمسرحية والقصة المحكية والمعلومات الخلفية للموضوع والتجربة العملية بأبسط المواد من البيئة. فى ذات الوقت تطوير البنية الأساسية كاملة للمدرسة بشكل يفوق المتوقع وإشراك الجميع فى تلك العملية، بمن فيهم البيئة المحيطة بالمدرسة لأن من يعيشون فيها هم المستفيد الأول من ذلك التطوير. حتى مشكلة الكثافة التى تؤرق مدارسنا تم التعامل معها عبر فكر هندسى معمارى لم يقم على بناء فصول جديدة، ولكن استغل المساحة فى كل فصل لإعادة ترتيب المقاعد وفقاً لفكر ورش العمل.
كما لم يكن المستهدف فقط تطوير المعلم والمكان، ولكن إكساب الطفل مهارات المشاركة والعمل ضمن فريق والتعبير عن نفسه والنقاش الحر وحب التعلم، للوصول فى النهاية إلى إنسان قادر على التنمية ما دام على قيد الحياة. ومن هنا كان استغلال كل شبر فى بناء المدرسة فى زراعة وفنون ورياضة واستكشاف بإمكانيات المكان وإعادة تدوير مخلفاته.
نشاهد عرضاً مسرحياً رائعاً لطالبات المدرسة عن مصادر الطاقة ومستقبلها وتأثيرها، مستوحى من أحد دروس المنهج التعليمى، شاركت فى تحويله إلى قصة، المبدعة الدكتورة نهى عباس، المسئولة عن مجلة نور للأطفال التى يصدرها الأزهر. يملأك الأمل بأن تطوير التعليم فى بلادى بحاجة إلى رؤية وإرادة إنسانية تسبق الإمكانيات.
تابعت الأحاديث والنقاشات والأحلام، وتأملت حال الدكتور هانى سويلم، الباحث منذ 17 سنة عن تطوير التعليم بإمكانيات البيئة لتحقيق معنى الاستدامة فى التنمية بمصر، وهو المحقق لذاته فى ألمانيا والرافض للمنصب ببلاده، والساعى لترك بصمة فى الحياة دون مقابل. ورددت فى نفسى أن بأمثاله تستطيع مصر. فشكرت سعيه، داعية أن يكون مستنهضاً لهممنا.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك