بقلم - مشاري الذايدي
العراق دولة كبيرة ومؤثرة بكل أنواع التأثير، وهي مطمع لإيران وهدف لأميركا، لكن العراق قبل ذلك هو لأهله ومصالح شعبه، بكل أطيافه وطوائفه. ومن ألزم مصالح هذا الشعب، صون العراق وأهل العراق عن نيران الحروب، وعن رهن ثروات وأمن العراق لصالح هذا الجار... أو ذاك الجار.
العراق اليوم لديه برلمان جديد، ورئيس حكومة جديد، ورئيس جمهورية جديد، هو السياسي العراقي - الكردي النابه، برهم صالح، الذي جال أولى جولاته الخارجية ومرّ بإيران والسعودية، وبينهما دول خليجية أخرى.
هل ينحاز العراق اليوم للجار الإيراني «المؤذي»، بعد أن ضاق الخناق الاقتصادي والسياسي الأميركي الدولي على النظام الإيراني؟
نقول ذلك، ونحن نعلم حجم الاستثمار السياسي الإيراني وعمقه داخل الجسد العراقي اليوم، هذا الاستثمار مغلّف بأنياب ومخالب عصابات تابعة لإيران بالعراق، عظُم أمرها وصارت لها أذرع سياسية ممثلة في البرلمان، على غرار الحزب اللبناني الإيراني «حزب الله». وبالمناسبة الحزب اللبناني هذا صدّر خبرته في التخريب السياسي إلى العراق من خلال مندوبه هناك، محمد كوثراني.
بما أن قطر، تحت سلطة حمد بن خليفة، وتدبير «الإخوان»، عضو في تحالف ضارّ عماده إيران وتركيا، فهي تحاول الولوج للساحة العراقية من باب هذا التحالف.
الأنباء المتداولة داخل العراق هو أن قطر تروّج اليوم لحكام العراق، انضمام العراق لحلف خماسي يضمه وقطر وإيران وسوريا وتركيا يقوم على المصالح السياسية والاقتصادية المشتركة بين الدول.
الخبر - وهو غير غريب على مسالك حكام قطر الحاليين - يفتح على أهمية تعظيم القوى العراقية الوطنية، التي تنادي بحفظ ثروات العراق وأمن العراق الذي عانى الأهوال منذ 1990 حتى اليوم، وأن يتجه العراق للداخل، ويركز على التنمية وتجويد الخدمات العامة (مياه، كهرباء، صحة، تعليم... إلخ)، والبعد عن سياسات الضرار الإيرانية والمكائد القطرية - الإخوانية.
الأمر الذي يقوّي صحة الخبر، هو رفض «تحالف المحور الوطني» (يضم أغلب القوى السياسية السنية) دخول العراق لهذا التحالف الخماسي.
بكل حال، فإن زيارة الرئيس العراقي برهم صالح إلى الرياض، واللقاء بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، إشارة جيدة، لا نقول نحو تطابق السياسة العراقية مع السعودية، بل نحو تقديم مصلحة العراق والعراقيين على كل اعتبار، بما فيه الاعتبار الإيراني والتركي... بل السعودي، وما دام أن العراق سيركز على التنمية والاستقرار، فلن يكون حينها أي اعتبار آخر للسعودية أصلاً!
وهل سيقبل الأميركي، الذي دفع مالاً وأرواحاً سخية بالعراق، أن يتحول إلى ملحق تابع لمحور معادي؟
الرهان هو على عقلاء العراق، وشعبه اليقظ، وعلى كل من يريد مصلحة العراق، أولاً وآخراً.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك