آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

لاءات إيهود باراك ومستقبل إسرائيل

اليمن اليوم-

لاءات إيهود باراك ومستقبل إسرائيل

بقلم - محمد السعيد إدريس

لم يصدر تعليق واحد من جانب أى فرد من أعضاء الطبقة السياسية الحاكمة فى الكيان الصهيونى رداً على مقطع الفيديو الذى بثته قناة «حداشوت نيوز» الإسرائيلية تضمن تصريحات لـ «نيكى هايلي» رئيسة الوفد الأمريكى بالأمم المتحدة خلال حفل أقامته البعثة الإسرائيلية فى المنظمة الدولية الخميس (6/12/2018) ابتهاجاً بما اعتبره الإسرائيليون والأمريكيون انتصاراً تاريخياً لصالح الكيان الإسرائيلى بالحصول على تأييد 87 دولة من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة لمشروع قانون يدين «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) بسبب إطلاقها صواريخ على دولة الاحتلال. فى هذه المقابلة قالت هايلي: «اتصل بى الرئيس وسألني: (نيكى ما الذى حدث؟!!)». وأكملت، بعد أن شرحت له ما حدث داخل الجمعية العامة وكيف أسقطت الجمعية العامة المشروع الأمريكى رغم حصوله على تأييد 87 دولة، وكيف فلتت حركة «حماس» من هذه الإدانة الدولية، وقالت إن الرئيس قال لها: «ممن يجب أن ننزعج؟.. على من تريديننى أن أصرخ؟.. ومن هم الذين سنأخذ أموالهم؟ّ!». كلام قبيح وفاضح لكنه مر دون أى تعليق إسرائيلي. المؤكد أن معظم هذه الطبقة السياسية الحاكمة فى إسرائيل من مدنيين وعسكريين استمعت إلى أقوال الرئيس الأمريكى التى يؤكد فيها ما سبق أن أفصح عنه من أن السبب الأساسى للوجود العسكرى الأمريكى فى الشرق الأوسط هو «حماية الوجود الإسرائيلي»، وأن سبب دفاعه (ترامب) عن ولى العهد السعودى محمد بن سلمان فى قضية اغتيال الصحفى السعودى جمال خاشقجى هو «حرصه على مصالح إسرائيل». عندما كشف الرئيس الأمريكى عن حقيقة «الحماية الأمريكية» لإسرائيل، التى تفضح عجز دولة الاحتلال الصهيونى عن حماية نفسها، ناهيك عن عدم قدرتها على تهديد الآخرين تفجر الغضب الإسرائيلى ولم يصمت حتى الآن، فهم يريدون أن يعيش العالم أكذوبة بذلوا جهوداً هائلة لترسيخها حول «التفوق العسكرى الإسرائيلى المطلق» على كل دول المنطقة مجتمعة وحول «الردع الإسرائيلى المتفوق»، فى محاولة لفرض إسرائيل «دولة مهيمنة» إقليمية، ولفرض الانكسار والانهزام فى الوعى السياسى والثقافى العربى للقبول بمشروع السلام الإسرائيلى الذى يعنى القضاء على كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ما نقلته نيكى هايلى على لسان ترامب بقدر ما يفضح السياسة الأمريكية وأساليبها غير الأخلاقية فى التعامل مع الدول، بقدر ما يؤكد حقيقة العجز الإسرائيلى عن إقناع المجتمع الدولى لأن يصوت لصالح قرارات تريدها. فلولا الدعم الأمريكى كان من المستحيل أن يحصل مشروع القرار الذى أسقطته الجمعية العامة على كل تلك الأصوات التى حصل عليها.

العجز الإسرائيلى الذى كشفته تصريحات ترامب كما نقلتها نيكى هايلى ليس سياسياً فقط، ولكنه أيضاً عسكري، فقد سبق أن أكد الرئيس الأمريكى نفسه هذه الحقيقة عندما أعلن أن الوجود الأمريكى فى الشرق الأوسط هو لحماية إسرائيل. فالحرب الدعائية الإسرائيلية المكثفة ضد إيران لن تقود، بأى حال من الأحوال إلا حربا، إذا لم تكن مدعومة أمريكياً وعربياً، واستعراضات بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان فى منطقة الحدود مع لبنان حالياً ضمن ما يسميه بعملية «درع الشمال» لن تتجاوز الأعمال الهندسية التى تقوم بها الجرافات لهدم ما يسمونه «أنفاقاً» أقامها «حزب الله»، وأن هذه الأعمال ستبقى محصورة فى شمال فلسطين المحتلة ولن تتجاوزها إلى هدم امتداداتها داخل الأراضى اللبنانية، ولن يخاطر نيتانياهو بالتورط فى حرب مع «حزب الله»، وكل ما يطمح إليه هو افتعال أزمة سياسية داخل لبنان، لدفع الدولة اللبنانية، بقواها السياسية المختلفة، للضغط على «حزب الله» لهدم تلك الأنفاق داخل الأراضى اللبنانية، وحتى هذه المهمة يسعى نيتانياهو إلى الحصول عليها من خلال دعم أمريكى ودولى وعربى للضغط على «حزب الله». هذا يعنى أن إسرائيل باتت عاجزة أيضاً عن خوض معركة سياسية ضد أعدائها، بقدر ما هى عاجزة عن خوض حرب عسكرية ضد هؤلاء الأعداء، وأنها فى الحالتين فى حاجة إلى دعم الحلفاء والأصدقاء، وهذا كله يؤكد أنها لم تعد مهيأة لفرض نفسها قوة إقليمية مهيمنة قادرة على السيطرة وضبط التطورات الإقليمية على النحو الذى تريده. هذه الحقائق ليست جديدة، فقد سبق أن كشفها إيهود باراك، رئيس الحكومة ووزير الحرب الإسرائيلى الأسبق، عقب انتهاء العدوان الإسرائيلى على لبنان فى صيف 2006، فعقب انتهاء هذا العدوان جاء إيهود باراك وزيراً للحرب فى محاولة للململة الهزيمة، واستعادة الثقة للجيش الإسرائيلي، لكن صدمة باراك كانت هائلة مما اكتشفه من حقائق تخص عجز هذا الجيش وتخص الكيان الإسرائيلى كله، أبرزها أن إسرائيل لم تعد قادرة على شن حرب، وليس من مصلحتها أن تتورط فى حرب. من هذا الإدراك خرج باراك بـ «أربعة لاءات إستراتيجية» مازالت تحكم جوهر الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية هي: لا لمبادرة إسرائيلية بشن حرب.. لا لخوض حرب إلا إذا كانت خارج الأراضى الإسرائيلية.. لا لأى حرب طويلة الزمن، ما يعنى أن إسرائيل لا تحتمل الدخول فى حرب مفتوحة الزمن.. ولا للتورط فى أى حرب تهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية. ستبقى إسرائيل أسيرة هذه الـ «لاءات الأربعة» التى استخلصها إيهود باراك لأن الأطراف الأخرى المعادية بات فى مقدورها أن تفرض الحرب على «أرض» إسرائيل، وأن تتحكم فى توقيت انتهائها، وأن تجعل الجبهة الداخلية الإسرائيلية أول من يدفع أثمانها بحكم ما تمتلكه من ترسانة صاروخية قوية ومتطورة، ومن هنا تأتى خطورة ما أفصح عنه الرئيس الأمريكى فى تصريحاته الأخيرة التى أكدت حقيقة أن إسرائيل «محمية أمريكية»، وقد لا تكون هذه الحقيقة هى الأخرى حقيقة جديدة، لكن الجديد هو أن المستقبل لم يعد يؤمِّن لإسرائيل هذه الحماية الأمريكية، فأمريكا أضحت مثقلة بهمومها، ودونالد ترامب، بات مهيأ للرحيل عن البيت الأبيض بعد أقل من عامين من الآن، فى ظل كل ما يواجهه من أزمات داخلية آخرها أنه أصبح من المحتمل أن يمثل أمام المدعى الخاص روبرت مولر المكلف بالتحقيق فى احتمال قيام تنسيق معين بين روسيا وفريق حملة ترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وعندها سيواجه الإسرائيليون السؤال المصيرى الذى يتهربون منه وهو: ما هو مستقبل إسرائيل؟

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لاءات إيهود باراك ومستقبل إسرائيل لاءات إيهود باراك ومستقبل إسرائيل



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:11 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برجفي كانون الأول 2019

GMT 15:05 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطيب يعلن نيته تحصين الأهلي من سيطرة رجال الأعمال

GMT 13:20 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مليشيا الحوثي تقصف عشوائيا قرى مريس بالضالع

GMT 19:02 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

النني .. مدفعجي أرسنال الجديد

GMT 19:20 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

اخبار جيدة ورابحة في هذا الشهر
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen