آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

أنا أقتل.. إذن أنا موجود

اليمن اليوم-

أنا أقتل إذن أنا موجود

مي عزام
بقلم : مي عزام

(1)

«الجوكر» الفيلم الذى يعرض بنجاح كبير، انتظره الملايين بشغف، وسبقته دعاية مجانية من الشرطة الأمريكية حين رفعت حالة التأهب، ونشرت قوات سرية فى صالات السينما وأمام دور العرض، خوفا من تكرار ما حدث فى عام 2012 حين فتح الشاب «جيمس هولمز» النار على المتفرجين فى إحدى دور العرض فى مدينة أورورا الأمريكية، والتى كانت تعرض أحد أفلام باتمان «صحوة فارس الظلام»، وقتل 12 شخصا وأصاب 70، متقمصا شخصية «الجوكر» الشريرة عدو «باتمان» فى سلسلة القصص المصورة التى بدأت قبل 80 عامًا.

(2)

فيلم «الجوكر» يدور حول شخصية «آرثر فيلك» المريض النفسى ضعيف البنية الذى يعانى من تنمر الآخرين عليه والاستهزاء به، وإحساسه بأن لا أحد يشعر بوجوده، يعمل مهرجا لكسب العيش، لكن حلمه أن يكون «كوميديان» يقدم فقراته على المسارح أمام الجمهور. بناء على نصيحة طبيبته النفسية يحتفظ بكراسة يدون فيها مذكراته، ويستخدمها فى الوقت ذاته لتدوين مقاطع تصلح من وجهة نظره لعرضها على الجمهور لاستدرار ضحكاتهم وإسعادهم، أما ضحكاته الممتدة فهى ليست دليلا على البهجة لكنها حالة مرضية يعانى منها.

(3)

نحن أمام شخصية مريضة نفسيًا، احتُجز لفترة طويلة فى إحدى المصحات ومازال تحت العلاج، يعيش مع أمه فى شقة مظلمة قبيحة فى مبنى أشد قبحا، فى مدينة جوثام، حيث الفقراء والأغنياء كلاهما سيئ ومتنمر، أولى جرائمه كانت صدفة، قتل ثلاثة شبان من المنتمين لعالم «وول ستريت» أوسعوه ضربا دون مبرر، بعد إذاعة الخبر فى وسائل الإعلام وأن القاتل كان يصبغ وجهه كالمهرجين، خرج العامة فى احتجاجات واسعة مرتدين قناع المهرج، متخذين من القاتل ملهمًا فى معركتهم ضد أثرياء مدينتهم وأصحاب النفوذ والسلطة.

الجرائم التالية لم تكن صدفة، أدرك «آرثر» أنه أصبح مرئيا بعد جريمته الأولى، فقتل بدم بارد كل من صور له عقله المريض أنه آذاه، البداية أمه، ثم زميل له فى العمل، وأخيرا المذيع الشهير الذى كان قدوة له لكنه استخف به فى برنامجه وكأنه يقضى على الدوائر المؤثرة فيه.

(4)

جسّد الممثل الأمريكى «جواكين فينيكس» دور الجوكر بطريقة يعجز معها المتفرج أن يتصور له بديلا، خفض وزنه 25 كيلو ليلائم الدور، وليبدو هزال الجسد متناسقا مع هذيان العقل وهلاوس النفس، «تود فيليبس»، مخرج الفيلم الذى شارك فى كتابته، قدم فيلما أمريكيا ظلاميا عنيفا، فيه هجاء للرأسمالية التى تسحق الفقراء والعجزة، والتى أوقفت برنامج العلاج النفسى الذى يتلقاه «آرثر» لخفض ميزانية الرعاية الطبية، وبالتالى لم يعد بإمكانه الحصول على الدواء، وهو قريب مما فعله ترامب حين ألغى مشروع «أوباما كير» للتأمين الصحى، ويتعرض لقضية حيازة السلاح التى لم يجرؤ رئيس أمريكى على إصدار قانون بتنظيمها رغم سقوط عشرات الأبرياء، وهو ما حدث فى الفيلم حين قدم زميل مسدس لـ«آرثر» ليحمى نفسه من المتنمرين، فكان سهلا عليه قتل ثلاثة شبان دفعة واحدة، كما يسخر الفيلم من الإعلام المضلل الذى يصنع نجوما من العدم، ولا يأبه لمشاعر الناس مادام ذلك يزيد أعداد المشاهدة.

(5)

اتهم النقاد الفيلم بالتحريض على العنف بتمجيد شخصية الجوكر القاتل المجنون، وإعطائها مبررا للقتل، وهو ما أنكرته الشركة المنتجة للفيلم فى بيان وزعته على وسائل الإعلام. السينما فى النهاية مرآة المجتمع، والعالم يعيش لحظة جنون، مفتقدا المعايير الأخلاقية، كما ذكر الأمين العام للأمم المتحدة، الحروب تندلع هنا وهناك، يُقتل فيها الأبرياء وتُهدم البيوت وتُحرق الزراعات، كل ذلك من أجل مصالح وحفنة من الدولارات، مدبرو هذه الحروب أصحاب نفوذ وثروات وصناع قرارات، وهم ليسوا أقل شراً وجنوناً من شخصية «الجوكر» الذى يمثل المقابل لهم من العامة المقهورين، الذين قد يجد بعضهم أن الجوكر يمثلهم بل يصبح بطلهم وملهمهم، فأمثال هؤلاء يجدون أن مجتمعات الرأسمالية المتوحشة لا تلتفت إليهم ولا تراهم إلا حين يصبحون خارجين على القانون، رافعين شعار الجوكر: «أنا أقتل إذن أنا موجود».

شعار قد يدمر الإنسانية، وقد يجعلها تستيقظ من غيبوبتها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنا أقتل إذن أنا موجود أنا أقتل إذن أنا موجود



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen