آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

سد النهضة.. وصراع المضايق والموانئ والأسواق

اليمن اليوم-

سد النهضة وصراع المضايق والموانئ والأسواق

مي عزام
بقلم : مي عزام

(1)

وأن الدولة المصرية في حاجة للخيال والتحليق لأعلى لتحظى بنظرة الطائر ورؤيته البانورامية، ومن ثم التعامل مع القضايا المطروحة على اعتبار أنها جزء متصل لا منفصل عن قضايا إقليمية ودولية مهمة، ولا يمكن إيجاد حلول لها إلا بالانخراط في محيطنا والقيام بدورنا كقوة إقليمية ذات تأثير باستخدام كل ما لدينا من أدوات لتحقيق مصالحنا وأمننا القومى.

(2)

منذ سنوات قليلة طرحت في أحد مقالاتى ضرورة الانفتاح على إفريقيا، فهى العمق الاستراتيجى لمصر، ومعلوماتنا عن بلدان القارة السمراء لا تزيد على معرفة المواطن الأمريكى البسيط عن مصر، والتى يتصورها بلدا صحراويا ينتقل فيه الناس على الإبل ويعيشون بجوار الأهرامات، خيال العامة عن إفريقيا لا يزيد عن كونها غابات وأحراشا ومجتمعات بدائية تعانى من سوء التغذية. الإعلام المصرى يجب أن يقدم صورة الحاضر من خلال عرض أفلام وثائقية وروائية إفريقية، وبرامج تتعرض لثقافة الشعوب الإفريقية وعاداتها، حتى ننسج علاقتنا معها على أسس واقعية مشتركة.

تخلينا عن قوتنا الناعمة في إفريقيا، انحسر دور وتأثير الأزهر والكنيسة الأرثوذكسية ولم تعد مصر تمثل أيقونة التحرر الوطنى، فلقد بات ذلك جزءًا من الماضى ولم يعد لدينا ما نقدمه في الحاضر. مع الزمن لم يعد لنا مكان ولا مكانة في إفريقيا، في حين زادت قوة العلاقات الإسرائيلية- الإفريقية، خاصة مع إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا.

(3)

العلاقة بين إسرائيل وإثيوبيا علاقة خاصة، ملوك إثيوبيا القدامى كانوا يعتبرون أنفسهم من نسل سليمان عليه السلام، أساطيرهم تقول إن جدهم «منيلك الأول» هو ثمرة زواج الملك سليمان وملكة سبأ التي يطلقون عليها اسم «مكدا». ورغم تحول هؤلاء الملوك من اليهودية إلى المسيحية فقد ظلوا يفتخرون بهذا النسب حتى إن آخرهم «هيلاسيلاسى» كان يطلق على نفسه لقب أسد يهوذا. ويذكر التاريخ أن بعض ملوك الحبشة هددوا بتعطيش مصر وقطع مياه النيل عنها في زمن المماليك، بعد هزائم الجيوش الصليبية، وكانت حجتهم اضطهاد المسيحيين في مصر، هذا التاريخ لا يمكن إهماله لكن يمكن التعامل معه.

(4)

أي صراع مرهون بحقائقه، ولا يمكن إدارة أي قضية أو مشكلة دون الإلمام بكل تفاصيلها ودخائلها، ولا يمكن أن نحل الصراعات بلغة العواطف أو الاستعطاف، اللغة المعترف بها عالميا هي لغة المصالح، وهى التي جعلت دولة الإمارات تقترب من الهند وتبتعد عن باكستان وتختلف مع السعودية.

إثيوبيا مثل غيرها تسعى للتنمية، وهى دولة بلا موانئ، لذا تستخدم موانئ دول الجوار المطلة على البحر الأحمر، جيبوتى واريتريا بصفة خاصة، في تعاملاتها التجارية، بدون هذه الموانئ تصبح إثيوبيا محاصرة داخل حدودها. موانئ القرن الإفريقى تزداد أهميتها يوما بعد يوم، خاصة بعد إعلان الصين عن مبادرة الحزام والطريق، الصين تستثمر أموالا طائلة في الموانئ المطلة على بحر العرب والبحر الأحمر، وكذلك تفعل دبى وقطر وتركيا وغيرها. الحرب في اليمن ليست بعيدة عن الصراع على إدارة الموانئ والممرات المائية. نعرف أن اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح كان من أسباب سقوط دولة المماليك في مصر، وأعتقد أن هناك ممالك ستسقط أو ينكمش نفوذها بعد صعود الصين وإتمام مبادرتها.

(5)

موضوع سد النهضة وحصة مصر العادلة في مياه النيل يجب ألا يعالج فقط مع إثيوبيا، ولكن علينا التعامل معه بنظرة الطائر الملم بما يحدث في الواقع، وكيف تتشابك المصالح والصراعات، إثيوبيا مهتمة بموانئ البحر الأحمر ونقل المياه والكهرباء لليمن ودول أخرى، وهناك عدد من الدول لها تأثير على إثيوبيا لأنها فاعلة في هذه المجالات، إسرائيل أحدها لكن ليست أهمها كما يروج البعض. ويبقى التساؤل المنطقى: لماذا تضغط هذه الدول على إثيوبيا لصالحنا؟

لأن لديها مصالح معنا أو هكذا يجب أن يكون الحوار معها، الدولة المصرية يجب أن تعى دورها الحقيقى وتحفز قدرتها على الفعل، وتتغلب على مخاوفها وترددها.

العالم الجديد إن لم نكن شركاء في صناعته فلن نكون سوى مستودع لنفاياته.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سد النهضة وصراع المضايق والموانئ والأسواق سد النهضة وصراع المضايق والموانئ والأسواق



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 17:12 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 04:48 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

تنورة وردية لإطلالة عصرية للمحجبات هذا الصيف

GMT 03:47 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

سبب وقوف ميغان بعيدًا عن الملكة في احتفالات "يوم الذكرى"

GMT 06:23 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

إدانة امرأة أسكتلندية مارَست الجنس مع طفلًا في فلوريدا

GMT 20:34 2016 الجمعة ,12 آب / أغسطس

إنجي علاء تواصل كتابة مسلسلها الجديد

GMT 12:37 2016 الخميس ,28 تموز / يوليو

عصير الجلاب

GMT 15:39 2017 الأحد ,05 شباط / فبراير

الفنان ماجد المهندس يشعل حماس الجمهور في جدة

GMT 13:31 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

أفكار مختلفة لعريشة الشرفة والحديقة بمنزلك

GMT 00:00 -0001 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

بعثة فريق "ريال مدريد" تنتقل إلى الولايات المتحدة الأميركية

GMT 16:28 2016 الجمعة ,01 إبريل / نيسان

شوربة التاكو

GMT 22:37 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

الفنان أحمد السقا يُحقق جائزة أفضل ممثل في 2017

GMT 08:25 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

أعداء الثورة
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen