آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

مفاوضات سد النهضة.. معركة وجود

اليمن اليوم-

مفاوضات سد النهضة معركة وجود

مي عزام
بقلم : مي عزام

(1)

كل مصرى يتابع باهتمام مفاوضات سد النهضة، ويتطلع للوصول إلى اتفاق يحفظ لمصر حقوقها الثابتة أزلًا فى الوجود والمصير بالنسبة لنهر النيل الذى يمثل شريان الحياة بالنسبة لمائة مليون مصرى الآن وملايين أكثر مستقبلاً. هناك الكثير من الجدل حول بداية الخطأ والخطر، فهناك من يعود بها لأيام السادات والابتعاد عن إفريقيا ثم تخاذل مبارك مع اتفاقية عنتيبى فى التسعينيات وما حدث فى اجتماع وزراء رى دول حوض النيل فى الإسكندرية، ثم شرم الشيخ 2009، وهناك من يتهم، بغير حق، ثورة يناير وتداعياتها بأنها التى شجعت إثيوبيا على البدء فى بناء السد فى إبريل من العام نفسه، وهو أمر غير منطقى، فدراسات الجدوى سبقت البدء فى البناء بسنوات وكذلك رحلة البحث عن تمويل، وهناك من يجد أن توقيع مصر على إعلان المبادئ مع إثيوبيا والسودان فى عام ٢٠١٥ كان السبب، حيث تعاملت مصر بحسن نية، فى حين تعاملت إثيوبيا بالعكس.

(2)

كل ما سبق أصبح فعلاً ماضياً لا يمكن استرجاعه، لكن يمكن التعلم منه حتى لا نقع فى نفس الأخطاء. أعتقد أن علينا التعامل مع ملف سد النهضة بنفس الجدية والروح التى تعاملت بها مصر مع حرب أكتوبر، بالدراسة والاستعداد والتأهيل والبحث عن أفضل العناصر التفاوضية ذات الفكر الإبداعى للخروج من هذا المأزق. المفاوضات ليست «مكلمة»، لكنها معارك حاسمة دون بارود، تستخدم فيها كل الأسلحة المتاحة، ويتم التخطيط لها تماما مثل الحروب العسكرية، ووضع خطط بديلة فى حال حدوث أى تغيرات غير متوقعة، ثم متابعة نتائجها وتقييمها. والمفاوض الجيد هو من يمتلك الكفاءة والمعرفة بالأهداف الاستراتيجية متعددة البدائل، ويتمتع بالمرونة والحزم، ويعرف كيف يغرى بالجزرة ومتى يهدد بالعصا، وعلى مصر أن تبحث بجدية عن مثل هذا المفاوض ولدينا هذه الكفاءات.

(3)

لا أعرف نتائج اجتماع واشنطن، لأننى أرسلت المقال يوم الثلاثاء والاجتماع يوم الأربعاء، الاجتماع جاء بناء على دعوة الإدارة الأمريكية لوزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا، بحضور البنك الدولى، والأخير معروف أنه منفذ لسياسة أمريكا الخارجية، وله توجهات حول تسليع المياه وبيعها كأى سلعة أخرى، وأعتقد أن الدعوة جاءت ردا على مبادرة الرئيس الروسى بوتين وعرضه الوساطة بين مصر وإثيوبيا أثناء القمة الروسية- الإفريقية التى حضرها الرئيس السيسى مؤخرا. انفتاح مصر على الوساطة الروسية مثلما فعلت مع الوساطة الأمريكية مفيد، فكل طرف له أدوات تأثير مختلفة.

على أى الأحوال المفاوضات ستستمر لفترة طويلة ولن تكون سهلة، ونتائجها لن تكون حاسمة على المدى القصير، وعلينا أن نتوقع ذلك ونلتزم بسياسة النفس الطويل. مصر أخطأت حين تخلت عن مكانها ومكانتها فى إفريقيا، ولن تسترد تلك المكانة بسرعة، ويجب أن يظل تواصلنا واهتمامنا بإفريقيا قويا لا يفتر حتى مع عدم وجود نتائج إيجابية سريعة، إذا تركنا مكاننا فارغا سيملؤه غيرنا من صائدى الفرص السانحة فى إفريقيا.

(4)

رفع شعار الحقوق التاريخية لا يكفى فى زمن المصالح، ولنا فى القضية الفلسطينية مثلا حيا، نجاح مفاوضات سد النهضة يجب أن يمثل لنا معركة وجود وكرامة، دون مبالغات ممجوجة وانزلاق نحو مقترحات تضر ولا تفيد مثل الحديث عن تدخل عسكرى سافر، ضبط النفس وتحديد الأهداف واستخدام كل الوسائل المتاحة والثبات على موقفنا تحت أى ضغوط يضمن لنا النجاح فى مسعانا.

لو ارتضينا بفرضية أن مفاوضات سد النهضة معركة وجود، فعلينا أن ندرك أن المعارك تحتاج لتهيئة الرأى العام وخلق حالة اصطفاف مجتمعى، على الحكومة أن تبدأ فى طرح الموضوع للنقاش العام لاستعراض كل جوانبه بشفافية وصدق حتى يدرك المصريون ما يحمله لهم المستقبل من تحديات وكيفية مواجهتها والمطلوب منهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاوضات سد النهضة معركة وجود مفاوضات سد النهضة معركة وجود



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen