آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

افتحوا الأبـواب

اليمن اليوم-

افتحوا الأبـواب

أمينة خيري
بقلم - أمينة خيري

مع تنشيط الساحة الحزبية وتقويم الحياة النيابية وتنظيم السبل التعبيرية ستصبح مصر أقوى وأهدأ وأكثر تحضراً، ومع إعطاء دفعة للأحزاب التى ما زالت على قيد الحياة لكن تصارع موتاً إكلينيكياً، أو تلك العاملة فى مجالات غير السياسة سيصب ذلك فى مصلحة الجميع، ومع تشجيع الراغبين فى الانخراط فى الحياة السياسية عبر بوابات قانونية سينعكس ذلك إيجابياً فى تهدئة الحرب الضروس والعركة المنصوبة على مدار الـ24 ساعة على مواقع التواصل الاجتماعى، وسيؤثر كل ذلك بشكل جيد جداً على مزاج الشارع وصحته النفسية وحالته العصبية.

حاجة البشر لتفريغ الطاقة الزائدة، أو التعبير عما لا يمكن التعبير عنه على المنصات غير الافتراضية المتاحة حاجة طبيعية لا ريب فيها ولا خوف منها، بل الخوف يكمن فى غيابها، وحتى فى الحالات التى تستوجب ذلك أو تستدعى قليلاً من التهدئة وبعضاً من الفرملة، فإنها عادة ينبغى ألا تستغرق وقتاً طويلاً أو يسقط الخروج منها بالتقادم.

ومصر ذات التاريخ المعتبر فى الحياة الحزبية قادرة على تصحيح مسار أحزابها وتطوير أداء حزبييها، بل وتشجيع المزيد منها ليظهر، شرط أن يكون ظهوراً فعلياً وليس تمثيلياً أو لسد خانة أو تحقيق مصلحة. والحقيقة أن السياسة هواية وملكات ومهارات قبل أن تكون تحقيق غايات وتفعيل مصالح وتصارعاً على المناصب والمقاعد. بالطبع جزء لا يتجزأ منها تطلع إلى الحكم واشتياق لشهرة ومكانة، لكنها تظل «لعبة» يتقنها البعض، ويظل البعض الآخر يحرص على المران ورفع المهارات واستقدام الكفاءات الجديدة وإحالة القديمة إلى التقاعد، لكن بينما اللاعبون يلعبون، يجذبون ملايين المتفرجين والمهتمين والمعجبين، وكذلك المعارضين والساخرين والمتربصين، إنها سنة السياسة.

وسنة السياسة هى الأحزاب والحياة السياسية، وكلما زادت الأحزاب السياسية قوة وشهرة، تطور أداء النظام السياسى وازداد عمقاً وخبرة وتولدت لديه الرغبة فى تحسين وتحديث أدائه، وكلما تطور وتحسن أداء النظام السياسى تمسك به الناخبون، مهما بلغ أداء بقية الأحزاب السياسية على الساحة، ومهما ارتفع سقف الوعود المقدمة من قبل الأحزاب.

فالناخب، حتى أولئك الشكائين البكائين على طول الخط، يأتى ساعة الاستحقاقات الانتخابية أو الاختيارات المحورية ويعرف أن الله حق، وأن الوعود الوردية والأحلام الذهبية تقف فى مكان آخر بعيد عن أرض الواقع بمشكلاتها وعوائقها الكثيرة وقدراتها ومواردها المحدودة، لذا فإن من مر منهم بخبرات وتحولات سياسية يحكمون عقولهم الواعية، وليس قلوبهم الحالمة وقت الاختيار.

اختيار ملايين المصريين أن يصبوا جام غضبهم أو يوجهوا جل تأييدهم أو يعبروا عن مكنون نفوسهم على مواقع التواصل الاجتماعى بهذا الإفراط أمر مفهوم، وجزء من هذه المبالغة فى الزعيق والإفراط فى الصراخ -بغض النظر عن فحوى الموضوع- يعود إلى تعويض غياب الأنواع الأخرى من الساحات. والغائب دائماً مرغوب، وسيظل مرغوباً إلى أن يتاح، ووقت إتاحته ستتفتت هذه الملايين الواهبة حياتها للهبد والرزع على الأثير العنكبوتى، حيث يوجه البعض جهده لساحات التعبير الأخرى، وذلك بين فاعل ومشاهد ومقيم.

صحيح أن الجانب الأكبر من هذه الأنشطة الحزبية ستتم هى الأخرى على أثير العنكبوت، ولكن على الأقل ستكون أنشطة ذات معنى وقيمة، وقد تخرج منها أفكار بناءة تساهم فى بناء البلاد وتحسين أحوال العباد، كما أن تحويل جانب معتبر من الهبد العنكبوتى الذى تدور رحاه من العدم وللعدم إلى الهبد الحزبى سيكون من شأنه إيقاظ الغافلين وتنبيه الحالمين. وقت الجد، ستتقلص أعداد المروجين لفكرة أن سباق الأرانب الرهيب فى مصر هو خير وفير ورزق كثير فى حال تم توظيف ملايين المواليد بالشكل السليم، سيكون مطلوباً من هؤلاء أن يترجموا الفكرة إلى برنامج قابل للتنفيذ، وهو أمر عسير إن لم يكن مستحيلاً بالمعطيات الحالية، وهكذا، يكون المكسب تفعيل سياسات وحملات تنظيم الأسرة دون مقاومة قوامها خيال وإطارها أحلام تدغدغ فقط مشاعر الفقراء المقبلين على الإنجاب دون هوادة بحثاً عن الرخاء.

رخاء مصر الاقتصادى يتلازم ورخاؤها السياسى، والرخاء السياسى ليس وفرة فى أعداد الأحزاب أو فتح الأبواب على مصاريعها أمام ثورات متواترة أو تغييرات متتالية، لكنه مضى قدماً على طريق سبقتنا إليه دول أخرى فتحت الأبواب ودخل منها الهواء ومعه الاستقرار، الذى لا يخلو من خلافات سياسية (لكنها بناءة) ومعارك أيديولوجية (لكنها فى حدود ما يسمح به الدستور والقانون).

دول كثيرة فى العالم تناقش حالياً استخدامات مواقع التواصل الاجتماعى من قبل الأحزاب السياسية والحملات الانتخابية، تبحث عن سبل تنظيم وتناقش دواعى التقنين، لكنها لا تواجه فوضى التدوين والتغريد كالتى نواجهها، لأن الطاقة التدوينية والقوة التغريدية تستقطبها الحياة السياسية المنظمة. افتحوا الأبواب من أجل الصالح العام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

افتحوا الأبـواب افتحوا الأبـواب



GMT 11:27 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

انتقد ترمب ثم سر على خطاه!

GMT 11:22 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

نظام كورونا العالمي الجديد

GMT 11:20 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

وداعاً محمود رضا طاقة البهجة الراقصة

GMT 11:19 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

يريد أن يكون متواضعاً

GMT 11:17 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

٣ ملامح فى ليبيا!
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 06:28 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنغلاديش تفوز بولاية رابعة

GMT 01:35 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

محمد بن زايد يطلق حزمة اقتصادية بـ 50 بليون درهم

GMT 03:07 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

منة فضالي تؤكد أن العمل مع الفنانة بوسي ممتع ويغمره البهجة

GMT 01:45 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

غير الناطقين بالإنكليزية يتفوقون في برنامج التقييم الوطني

GMT 22:50 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

مدير باريس للأساتذة يحث فيدرر على المشاركة في البطولة

GMT 21:49 2016 الأحد ,27 آذار/ مارس

أوملت البطاطا

GMT 21:58 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

غضب نسائي يطارد أحمد فهمي بسبب خيانة نيللي كريم

GMT 00:46 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

علي ربيع يكشف عن فيلم جديد يجمعه بنجم "مسرح مصر"

GMT 07:20 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

"الفراولة" أحدث موضة في قصات الشعر لعام 2018

GMT 03:20 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

توست مقلي بالبيض

GMT 21:00 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

8 جامعات إماراتية ضمن أفضل 40 جامعة عربية
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen