بقلم _ أسامة الرنتيسي
في البدء، وقبل البدء أيضاً، أدين بأقسى العبارات العدوان الثلاثي المجرم الذي تعرضت له سوريا. وأستغرب كيف لعربي، مهما كانت طينته، أن يفكر لحظة في الوقوف ليقرر أنه مع العدوان أو ضده! بغضّ النظر عن موقفه من الحرب في سوريا، وبغضّ النظر من موقفه المؤيد لبشار الأسد، والمعارض لممارساته مثلي.
من تابع التهديدات التي أطلقها الرئيس الأميركي خلال الأيام الماضية وتطورات الأحداث، والمحاولات الروسية لسحب فتيل التهديدات، بتهديدات مماثلة، توقّع أن ضربة ماحقة ساحقة سوف تتعرض لها سوريا، وتاهت وسائل الإعلام في البحث عن مصير الأسد، متسائلة: هل بقي في سوريا أو غادر إلى طهران مع أسرته؟
من معلومات القيادة العسكرية الروسية حرفياً أن “العدوان الثلاثي استهدف مناطق مدمّرة أصلاً، والدفاعات السورية أسقطت 71 صاروخاً من أصل 103 .”
كل هذه الضربات والتهويشات والقرارات والتحالفات تسبّبت بإصابة 6 أشخاص، وهي بحسب المعلومات الغربية كانت موجّهة إلى مراكز بحث وتصنيع المواد الكيميائية، فهل هناك من يصدق أن العالم وقف على رؤوس أصابعه وحبس أنفاسه لمعرفه مصير ضربة عسكرية غربية من قبل ثلاث دول بوزن أميركا وفرنسا وبريطانيا، وصواريخ ذكية، وتحريك أكبر معدات أميركية منذ احتلال العراق، وتكون النتيجة 6 إصابات!
أما العذر الأقبح من ذنب فهو ما قدّمته وزارة الدفاع الروسية تفسيراً لتساؤلات حول الضربات الصاروخية، ولماذا لم ترد بضربات مماثلة على العدوان؟فأجابت حرفياً: “لأن أياً من صواريخ العدوان على سوريا فجر اليوم لم يستهدف المناطق الموجودة فيها الدفاعات الجوية الروسية بقاعدتي (طرطوس وحميميم) الروسيتين”.
أما المحلل السياسي سميرنوف في البرافدا الروسية فيقول: “إن الرئيس بوتين تصرّف بحكمة وجنّب العالم ويلات حرب عالمية ثالثة، وأظهر للعالم كله أن سياسة روسيا مسؤولة،، وأن موسكو لا تتصرف بناء على ردات فعل”.
ما فعلته الضربة الصاروخية والعدوان على سوريا كشف أكثر وأكثر أن وراء الحروب العسكرية أهدافاً أخرى قد لا تظهر للعلن في البيانات والتقارير، فليست هذه الضربة رداً على ضربة كيميائية مجرمة، ولا هدفها إسقاط النظام السوري.
في العدوان أهداف اقتصادية بحتة، فقد هوت معظم بورصات العالم، ودفعت مخاوف المستثمرين بشأن ضربة عسكرية محتملة على سوريا، إلى هبوط 7 بورصات عربية في نهاية تداولات الخميس، كما هوت الأسواق المالية الروسية، وهذه لعبة استفاد منها الاقتصاد الأميركي وأسواقه المالية، كما دفع العرب ثمن الضربة “كاش”، وثمن تحريك كل عسكري في العالم لهذا العدوان، وهو لا يختلف عن مناورة بالذخيرة الحية للوحدات الأميركية والفرنسية والبريطانية.
بالحروب الشكلية والأفلام أضعنا فلسطين في النكبة، وبعدها في النكسة، وفي حرب تشرين ولد كامب ديفيد، ومن دمار العراق ولد أوسلو ووادي عربة، ومن فيلم داعش والرقّة والموصل والغوطة سوف يولد مخلوق جديد مشوّه، بالأنظمة ذاتها، ودول جديدة..
أرسل تعليقك