آخر تحديث GMT 08:03:06
اليمن اليوم-

تقسيم سورية مهمه صعبة

اليمن اليوم-

تقسيم سورية مهمه صعبة

عبد الرحمن الراشد
بقلم : عبد الرحمن الراشد

نذ بداية انتفاضة سوريا في عام 2011 ضد نظام بشار الأسد، تنبأ البعض بتفكيك البلاد وفق مكوناتها الإثنية والطائفية، سنية وعلوية وكردية ودرزية وتركمانية. وكان المحفز الرئيسي للتفكيك الخوف على الأقليات. وبعد سنوات، تحولت الانتفاضة إلى حروب داخلية، ثم إلى تدخلات عسكرية من قوى أجنبية، إيرانية وروسية وعراقية وحزب الله، واستوطنت سوريا تنظيمات «جهادية» أجنبية ومحلية، مثل «داعش» و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام». وبسبب ويلات الحرب، تشرد اثنا عشر مليون سوري من مدنهم وقراهم ومناطقهم، ثلثهم لجأ إلى خارج البلاد، وتموضع بعضهم في مناطق تناسبه، والبقية فرت من القتل والدمار داخل بلدها.

عاد الحديث عن تقسيم سوريا لأن مسؤولين أميركيين صرحوا أخيًرا بأنهم يستبعدون أن تعود البلاد وحدة واحدة، وأن التقسيم هو الأقرب. وقد اعتبرها البعض تمهيًدا للتقسيم، وبداية «سايكس بيكو» جديد، على اعتبار أن اتفاق تقسيم المشرق القديم بين البريطانيين والفرنسيين قد انتهى مفعوله، بعد أن مر عليه مائة عام، وأن الروس والأميركيين اتفقوا على تقسيم جديد للمنطقة.

هل يوجد فعلاً اتفاق على تقسيم سوريا بين الدول الكبرى؟ صراحة، استبعد ذلك لأسباب كثيرة، أبرزها أنه تنقصهم القوة على الأرض لفرض أي حدود في منطقة الشرق الأوسط، قديمة كانت أم جديدة. فالروس والإيرانيون يحاولون منذ فترة تنفيذ مهمة أقل صعوبة، وهي تمكين الأسد من حكم المناطق التي تحت سيطرته، ومع هذا لم ينجحوا بعد، فما بالنا بخلق كيانات جديدة
متصارعة، ستتنافس على الموارد والحدود.

وهنا، استحضر مثلاً مشابًها للفوضى والحروب، العراق، جار سوريا. فمنذ عام 1990، والأكراد العراقيون يعيشون في إقليم شبه مستقل تماًما، بعد حرب تحرير الكويت. 26 عاًما مرت والأكراد العراقيون على هذا الحال. والذي وقف دون قيام جمهورية كردية في شمال العراق لم يكن صدام، ولا تركيا، ولا إيران، وهي الأطراف الثلاثة المعارضة عادة لقيام أي كيان كردي مستقل، بل المجتمع الدولي، والمصطلح يستعمل عادة للتعبير عن دول مجلس الأمن الدائمة. فقد رفض منحهم حق الاستقلال. السبب أنه لا أحد يريد تغيير خريطة المنطقة، لما قد تسببه من تفكك يؤدي لفوضى خارج السيطرة.

قد يكون المجتمع الدولي غير رأيه مع استمرار الفوضى والدم في سوريا، واقتنع بأن التقسيم حل أقل شًرا من دولة مضطربة. وتطبيق هذا الأمر ربما كان ممكًنا في أول عامين من سنوات الثورة السورية، أما اليوم فإن تهجير السكان غّير الديموغرافيا، وبالتالي لا أرى كيف سيتم تقسيم سوريا من دون وجود تجمعات متجانسة كبيرة. مدينة منبج نموذج، فبعد أن احتلها تنظيم داعش الإرهابي، هرب كثير من سكانها إلى الأرياف وما وراءها، وعندما جاءتها ميليشيات قوات سوريا المتطرفة لإخراج «داعش»، بدعم دولي، قامت هي أيًضا بطرد كثير من السكان لأسباب عرقية، وهرب من المنطقة نحو مائتي ألف. منبج مدينة ومنطقة صغيرة نسبًيا، فما بالنا بحلب التي كان يسكنها خمسة ملايين نسمة، ومن أكثر المدن التي تعرضت للدمار والتهجير؟!

أيًضا، لا يمكن تجاهل العامل الإقليمي، ومخاوف دول مثل تركيا وإيران والعراق. للمكونات العرقية والطائفية السورية امتدادات في هذه الدول، وأي اعتراف بكيانات مبنية على اعتبارات إثنية سيهدد وحدة دول الجوار. واليوم، تعارض تركيا بشدة محاولة إقامة مناطق كردية على طول حدودها. حتى إيران، التي لا حدود لها مع سوريا، تعتبره محرًكا لمشاعر نحو ثمانية ملايين كردي إيراني من سكانها. كما أن كل التجمعات تفككت، وليس الوضع بأفضل حالاً لعلويي سوريا، الذين حملوا وزر النظام بحكم انتماء عائلة الأسد لهم، فكثير من شبابهم غادر البلاد هرًبا من التجنيد الإجباري، وآلاف العائلات لجأت خشية الانتقام.

لتقسيم أي دولة شرط أساسي، عند انفضاض العقد الوطني، هو انكفاء السكان نحو مناطقهم، كما حدث في يوغوسلافيا التي تفككت إثر الحرب الأهلية إلى أربع جمهوريات برعاية دولية. أما الوضع في سوريا، فهو كالإناء المكسور الذي تناثر إلى قطع صغيرة. والحل في سوريا بالحفاظ على كيان الدولة، بنظام سياسي جديد تحت رعاية دولية، مهمة صعبة خاصة في ظل احتلال إيران وروسيا للبلاد باسم الأسد، التي صارت مثل حكومة «فيشي» النازية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقسيم سورية مهمه صعبة تقسيم سورية مهمه صعبة



GMT 23:00 2021 السبت ,08 أيار / مايو

أخبار من سورية وفلسطين

GMT 17:06 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يريد الاحتفاظ بنفط سورية

GMT 16:57 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دونالد ترامب لن ينسحب من سورية

GMT 12:19 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إذ يقصّ علينا قاسم سليماني قصّة حربـ«نا»

GMT 06:43 2019 الأربعاء ,15 أيار / مايو

عيون وآذان (أخبار أجدها مهمة)
اليمن اليوم-
اليمن اليوم-

إطلالة لافتة وجريئة لنسرين طافش في مهرجان كان السينمائي

القاهرة - اليمن اليوم

GMT 19:40 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 16:26 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:46 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 22:16 2020 السبت ,08 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 05:53 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

اتجاهات موضة الديكور في غرف الطعام هذا العام

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 17:30 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019

GMT 21:15 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الأيام الأولى من الشهر

GMT 22:55 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:05 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج في كانون الأول 2019

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:17 2019 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد في كانون الأول 2019
 
alyementoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

alyementoday alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday alyementoday alyementoday
alyementoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
alyemen, Alyemen, Alyemen