بقلم : جهاد الخازن
أحضر معارض الكتب في بلدان عربية عدة، من لبنان إلى الخليج، وأحضر معها معرض لندن للكتاب، فقد مضى وقت كان يشارك عدد من الدول العربية. هذه السنة لم أجد سوى جناح الشارقة، فالشيخ الدكتور سلطان القاسمي، أكاديمي وكاتب بقدر ما هو حاكم إمارة.
عشية افتتاح معرض لندن للكتاب استضافت دار النشر بلومزبري حوالى 200 ديبلوماسي وكاتب وإعلامي وآخرين على عشاء حضره الشيخ سلطان لتقديم كتابه «تحت راية الاحتلال» في ترجمة إلى الإنكليزية قام بها الدكتور أحمد علي، وراجعها الدكتور كولن ديفي. الشيخ سلطان زار أيضاً دار بلومزبري التي توزع حول العالم كتباً مترجمة عن العربية.
راجعت بعضاً من كتب الشيخ سلطان في هذه الزاوية، وأذكر منها «حديث الذاكرة»، و«القواسم والعدوان البريطاني (1797-1820)» و«أسطورة القرصنة العربية في الخليج». كلمة «عدوان» تتفق أيضاً مع كتابه الجديد، فالوجود البريطاني في الخليج كان عدواناً من بدايته الى نهايته. الكتاب يشرح ما تعرض له الشيخ سلطان بن صقر بن راشد القاسمي الذي ورث الحكم عام 1803 وبقي فيه حتى وفاته عام 1866. الفصل الثاني يقدم أمثلة على شطط الاستعمار مثل تهمة الاعتداء على سفينة للبحرين، واعتراف المتهِمين في النهاية بأن الاعتداء لم يحصل، ومثل ذلك سفينة من رأس الخيمة، أو سفينة للشيخ سلطان بن صقر أخذت حمولة سفينة ترفع العلم البريطاني وغيره من تهم باطلة، عادة باعتراف الإنكليز في النهاية.
الشيخ سلطان شهد افتتاح معرض لندن للكتاب وإطلاق النسخة الثامنة من جائزة «اتصالات لكتاب الطفل» بإشراف الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي التي أسست المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، وهناك جوائز بأكثر من 500 ألف درهم للمؤلفين والناشرين والرسامين كل سنة.
رأيت في جناح الشارقة عدداً من الديبلوماسيين والكتّاب والصحافيين يتبادلون حواراً مع الشيخ سلطان عن قضايا ثقافية ومجتمعية وغيرها. وضم الجناح كتباً لحاكم الشارقة وأخرى للأطفال ومراجع وروايات. وأسفتُ أن المملكة العربية السعودية غابت عن معرض لندن للكتاب هذه السنة بعد أن كان لها جناح كبير في السابق وكان الإخوان المشرفون عليه يرفضون أن يأخذوا ثمن الكتب التي أريد اقتناءها.
المعرض استمر ثلاثة أيام وشهدته عشرات ألوف الناس، وأستطيع أن أقول إنني لم أرَ جناحاً واحداً إلا وكان الزوار يملأونه. وسعدت برؤية جناح رويترز تومسون، فقد عملت وأنا طالب في وكالة الأنباء العربية في بيروت، وهي تحولت إلى رويتر، الشركة الأم، عام 1969، ثم رويترز والآن رويترز تومسون.
كان إلى جانب جناح الشارقة جناح كبير لمطبعة كتب جامعة أكسفورد حيث درس ابني، وحملت له كتباً ومراجع يستعيد معها أيام الدراسة.
المشاركون كانوا من كل بلد مع أجنحة للولايات المتحدة وروسيا والصين وكوريا وسويسرا وغيرها. أيضاً دور النشر الكبرى مثل هاربر كولنز، ومطبعة كتب جامعة شيكاغو، وتوروس، وسايمون إند شوستر، ودار بنغوين راندوم وبلومزبري. بل كانت هناك الجمعية الملكية للكيمياء التي ابتعدتُ عنها مستعيداً عذابي مع مادة الكيمياء في المدرسة الثانوية.
أجمل ما في معرض لندن للكتاب أنه ينظّم في صالة العرض الكبرى أولمبيا، وهي إلى جوار مكاتب «الحياة» فكنت أستغل ساعة الغداء لأتجول بين الكتب ساعتين أو أكثر. هي خير جليس فعلاً.
أرسل تعليقك