بقلم/جهاد الخازن
الملك سلمان في موسكو في أول زيارة يقوم بها عاهل سعودي لروسيا، والمفاوضات بين قادة البلدين تشمل النفط واستثمارات وسورية وغيرها.
كانت المملكة العربية السعودية وروسيا اتفقتا في كانون الأول (ديسمبر) الماضي على خفض إنتاج النفط، ما جعل سعر البرميل يستقر عند حوالى 50 دولاراً، وأسمع أن البلدين في سبيل عقد اتفاقات في مجال الطاقة ببلايين الدولارات. والرئيس فلاديمير بوتين بدا متفائلاً بالزيارة والنتائج المتوقعة لها، وقرأت أنه قبِل دعوة من الملك سلمان لزيارة السعودية.
السعودية لها علاقات طيبة مع الولايات المتحدة، وربما تنظر الإدارة الأميركية بقلق إلى تطور علاقات السعودية مع روسيا. عرفت الملك سلمان على مدى عقود ووجدته حكيماً حذراً يعرف ما ينفع بلاده وما يضرها، لذلك أرجح أن تحسن العلاقات مع روسيا لن يكون على حساب العلاقات مع الولايات المتحدة والغرب عموماً.
اليوم تؤيد روسيا النظام السوري، وتدخلها عسكرياً في الحرب الأهلية المستمرة جعل النظام يكسب المواجهة حتى الآن. السعودية تؤيد جماعات معارضة للنظام، وهذا الاختلاف بين البلدين يبقى نقطة شائكة تحتاج إلى حل.
في سورية، هناك حلف غير معلن لروسيا وإيران مع النظام، والسعودية على خلاف كبير مع إيران، التي تتدخل في قضايا عربية داخلية، مثل دعمها الحوثيين في اليمن، وحملاتها على البحرين والإمارات العربية المتحدة. طبعاً مصر إلى جانب هذه الدول ضد إيران، وضد قطر أيضاً، وهي سند مهم، إلا أن السعودية قد تنجح في إبعاد روسيا عن طمع إيران في لعب دور يفوق حجمها داخل الشرق الأوسط.
لعل أهم نقطة في العلاقات بين السعودية وروسيا أن البلدين ينتجان أكبر كمية من النفط في العالم، فكل منهما ينتج أكثر من 12 مليون برميل في اليوم. الفرق بين البلدين أن مخزون النفط الخام في السعودية هو اليوم 15 في المئة من كل المخزون العالمي. إلا أن هذه النسبة مضللة، فأكثر أرض السعودية لم يُستَكشَف بعد بحثاً عن النفط، والخبراء يقولون إن السعودية، ومساحتها 2.15 مليون كيلومتر مربع، تملك ما يزيد على 20 في المئة من مخزون النفط العالمي، وربما كانت تملك وحدها 30 في المئة.
هذا سلاح في يد السعودية لا يملكه أي بلد آخر، إلا أنني أعود مرة أخرى إلى الملك سلمان وما أعرف شخصياً من قدرته وحكمته. هو يبني مستقبل بلاده لما بعد نضوب النفط، ورؤية الأمير محمد بن سلمان لسنة 2030 وما بعدها واضحة، وقابلة للتنفيذ جداً، وإذا عشنا سنرى النتائج.
عقد السعودية وروسيا اتفاقات نفطية مع استثمارات مشتركة أخرى نفع كبير للبلدين، وربما استطاعت السعودية أيضاً أن تبعد روسيا عن حلف غير معلن مع إيران في سورية.
علاقات المملكة العربية السعودية مع سورية شهدت في العقود التي تابعتها صعوداً وهبوطاً، فقد كان النظام السوري قريباً من الاتحاد السوفياتي والدول الدائرة في فلكه، وتحسّن الوضع بعد سقوط النظام الشيوعي، وكانت للملك عبدالله رحمه الله علاقات جيدة مع حافظ الأسد ثم بشّار الأسد، وكلنا يذكر كيف وصل الملك عبدالله والرئيس بشار الأسد إلى لبنان يمسك أحدهما بيد الآخر. هذه الفترة لم تستمر، وسمعت من الملك عبدالله انتقادات حادة للنظام السوري، مع يأس من إمكان عودة العلاقات الطيبة.
الآن عند السعودية خيارات عدة، والملك سلمان وولي عهده قادران على أن يأخذا منها ما ينفع بلدهما والأمة كلها.
أرسل تعليقك