بقلم : جهاد الخازن
منذ شهرين وأنا على سفر متواصل، ورأيت أن أرد على بريد القراء مباشرة لأنني لا أبقى في لندن وقتاً كافياً، ولا أريد أن يتأخر الرد من أيام إلى أسابيع. مع إجازات الأعياد الغربية عندي وقت كافٍ لأعود إلى البريد في هذه الزاوية، وأبدأ ببعض أنصار تركيا و «الإخوان المسلمين».
تجمع بينهم قلة الأدب، وأختار واحداً يمثلهم فهو يغير اسمه و «الإيميل» باستمرار إلا أنه يبدأ بتوجيه تهمة «الخيانة» إليّ وينتهي بشتائم تتكرر حرفياً من رسالة إلى أخرى. أستطيع أن أرد على الشتائم إلا أنني لا أفعل. أما تهمة الخيانة فلا أفهمها. ولائي الأول والأخير للقضية الفلسطينية، وهذه لا أخونها، وعندي قناعات عربية أدافع عنها. إذا كان القارئ يعتبر انتقاد سياسة رجب طيب أردوغان أو «الإخوان المسلمين» «خيانة» فما عليه سوى أن يرفع عليّ قضية في المحاكم البريطانية لنرى مَنْ الخائن ومَن الوطني.
بدأت بتركيا و «الإخوان المسلمين» لأن الموضوع أهم من غيره، إلا أن أكثر بريد أتلقاه الآن عن الانتخابات الأميركية والرئيس المنتخَب دونالد ترامب. وقد أثار اختيار ترامب ريكس تيلرسون، رئيس شركة نفط «أكسون موبيل»، وزيراً للخارجية غضب أنصار إسرائيل، وكتبت عنهم فأعرض على القراء اليوم فقرة واحدة في مقال نشرته «واشنطن بوست» وعنوانه: علاقات تيلرسون مع مستبدين صيغت خلال عقود في صناعة النفط. الفقرة التي اخترتها تقول: «إن منتقدي تيلرسون يرون أنه وأكسون موبيل يُبديان عجرفة وعدم اهتمام بسجل روسيا في أوكرانيا أو قمع بوتين العنيف المعارضةَ المحلية. شركة النفط الهائلة لها أعمال في ست قارات وأكثر من 50 دولة، وعلى علاقة مع أنواع مختلفة من القادة المحليين، بينهم وزراء نفط سعوديون والفاسد تيودور أوبيانغ نغونيا في غينيا الاستوائية، والحكومة الأوتوقراطية في كازاخستان وأمير قطر».
الجريدة كان يملكها يهود باعوها لليهودي جيف بيزوس مالك أمازون، وأسألها كيف يمكن شركة نفط أن تؤثر في وضع أوكرانيا؟ غير أنني أتجاوز هذا الجانب لأسأل كيف أصبح وزراء النفط في السعودية «أوتوقراطيين»؟ هم لا ينفذون أي قرار وحدهم، وأعرفهم منذ أحمد زكي يماني ثم هشام ناظر وعلي النعيمي كما لا يعرفهم أنصار إسرائيل، وأجدهم آخر مَنْ يُتَّهَم في عمله.
ثم هناك اسم أمير قطر وهو الآن الشيخ تميم بعد والده الشيخ حمد بن خليفة، وهو حتماً ليس من نوع بوتين أو أي ديكتاتور في آسيا الوسطى أو أفريقيا. أنتقد محطة «الجزيرة» التي تسلمها «الإخوان المسلمون»، إلا أنني أعرف قادة قطر، وليس بينهم أوتوقراطي أو ديكتاتور. وكنت أجريت مقابلة للشيخ حمد، وأرى الشيخ تميم في الجمعية العامة للأمم المتحدة وأقول له كل سنة عما أعجبني في خطابه.
الإدارة المقبلة لدونالد ترامب تضم ناساً طيبين مثل تيلرسون، وبعض أحقر أمثال التطرف والتعصب الديني والجهل بالمهمة، وأنصح ميديا الولايات المتحدة أن تركز على هؤلاء أو على إرهاب إسرائيل، بدل أن تحوّل الأنظار عنهم إلى وزراء عرب أو حاكم بلد.
ضاق المجال وعندي رسائل عدة تشكو من تركيزي على السياسة كل يوم، وتقول أن «روحنا طلعت» من السياسة، وتطلب بعض الكتابة الخفيفة.
أقول أن عندي مقالات خفيفة مكتوبة لا أجد سبيلاً إلى نشرها مع أخبار الموت في سورية وغيرها كل يوم. هذه المواضيع تظل صالحة غداً أو بعد ســنة لأنها لا تتناول حدثاً يومياً، وأتمنـــى أن أســتطيع نشرها عندما يعود السلام إلى ربوع بلادنا. اليوم أترك القراء مع طرفة لها جانب ســياسي فقد كنت أبحث في صفحة الأبراج عن برج من خمسة أحرف وأنا أحل الكلمات المتقاطعة بالإنكليزية. توقفت عند برجي وقرأت: استعد للنهاية. إذا كان فلاسفة اليونان ماتوا ما فرص أن تعيش أنت إلى الأبد. أقول أنني لا أريد أن أعيش إلى الأبد، بل إلى نهاية سنة 3016 فقط.
المصدر : صحيفة الحياة
أرسل تعليقك