بقلم : جهاد الخازن
موضوعي اليوم هو إسرائيل، ولكن أريد قبل أن أبدأ أن أؤكد للقارئ أنني أكتب عن معرفة، فبعد بكالوريوس في العلوم السياسية وماجستير في الأدب العربي (كان أستاذي إحسان عباس) حاولت أن أعمل لدكتوراه في تاريخ الشرق الأوسط الحديث في جامعة جورجتاون، وأكملت البرنامج كله من دون أن أكتب أطروحة عن الثورة الفلسطينية بسبب عملي الصحافي اليومي. في جورجتاون، وفي أول محاضرة سمعتها من أستاذ أميركي، فوجئت بهذا الأستاذ يقول أن الأرض للفلسطينيين فلا آثار تؤيد مزاعم اليهود عنها. ورأيت الأستاذ بعد أشهر في مكتب صديقي وأستاذي هشام شرابي، رحمه الله، وسألته عن الموضوع فقال لي أن آتيه بآثار يهودية في فلسطين وهو سيغير رأيه.
ما سبق مقدمة، فقد كان في القدس يهود أيام الإغريق والرومان والدولة البيزنطية، وطردهم منها الخليفة عمر بن الخطاب قبل 1400 سنة وسلّم المدينة للمسيحيين بقيادة البطريرك صفرونيوس. اليهود عادوا إليها قبل حوالى نصف قرن، ولا يزالون يكذبون.
يتحدثون عن آثار للهيكل الثاني، ولا آثار إطلاقاً ولا هيكل أول أو ثانياً، وعن قدس الأقداس والعهد... كله كذب.
لعل أخطر ما في الموضوع أن غالبية من اليهود في القدس اليوم هي من الأرثوذكس المتطرفين، وهؤلاء يعودون إلى القرن الثالث عشر في أوروبا الشرقية وأصولهم من جبال القوقاز حيث اعتنقوا اليهودية خوفاً من الدولتين البيزنطية ثم الإسلامية. البروفسور الإسرائيلي شلومو صاند له كتاب يؤرخ لهم اسمه «اختراع اليهود».
قرأت أن 65 في المئة من طلاب المدارس اليهودية في القدس هم من أبناء اليهود الأرثوذكس المتطرفين، وأنهم أصبحوا حوالى خُمس سكان إسرائيل. هم لا يعملون، وإنما يصلون ويعيشون على الضمانات الاجتماعية، ويرفضون أن يؤدي أبناؤهم الخدمة العسكرية، وهي إلزامية في إسرائيل. كان مجرم الحرب بنيامين نتانياهو في طريقه إلى خسارة الانتخابات العامة الأخيرة لولا أنه أخاف المتطرفين من اليسار الإسرائيلي ومن الفلسطينيين، فأيدته غالبية ساحقة منهم وعاد إلى رئاسة الوزارة. في المقابل، هو تركهم يسرقون بيوت الفلسطينيين في القدس «الشرقية»، أي القدس الأصلية والوحيدة.
المؤامرة على فلسطين وأهلها بدأت مع وعد بالفور سنة 1917، وموضوعه قتِل بحثاً فأزيد للقارئ العربي أن ألمانيا كانت في طريقها للفوز في الحرب العظمى (العالمية الأولى) فكان وعد بالفور مقابل أن تدفع الجماعات الصهيونية الولايات المتحدة إلى دخول الحرب إلى جانب بريطانيا وفرنسا، وهذا ما حصل وهُزِمَت ألمانيا.
كنت أشرت في هذه الزاوية يوماً إلى الكتاب «عندما قابل أف دي آر (أي فرانكلين ديلانو روزفلت) ابن سعود (الملك عبدالعزيز آل سعود)» الذي ألفه وليام ادي، القائم بالأعمال الأميركي في جدة، فهو الذي ترجم للرئيس الأميركي وملك السعودية على ظهر المدمرة كوينسي في البحيرات المرّة سنة 1944، وألمانيا في طريقها إلى خسارة الحرب العالمية الثانية. روزفلت طلب من الملك عبدالعزيز أن يوافق على دخول اليهود فلسطين ورفض ملك السعودية رفضاً قاطعاً، رغم أن روزفلت المريض مدَّد المحادثات يوماً آخر، ومات بعد ستة أسابيع من عودته إلى بلاده.
هناك كتاب يحكي عن الدور الأميركي في قيام إسرائيل، من تأليف أليسون وير عنوانه «ضد حسن القرار» أو القرار الأفضل، يحكي عن نشاط الجماعات الصهيونية المعلنة والسرية في الولايات المتحدة لدفع الإدارة إلى تأييد قيام إسرائيل. في الكتاب أن صهيونياً دفع مبلغ مليوني دولار للحملة الانتخابية لهاري ترومان، وكان في طريقه لخسارة الرئاسة. المبلغ يعادل عشرات الملايين بأسعار اليوم. ترومان فاز واعترف بإسرائيل فور إعلانها.
هذا هو التاريخ الصحيح لدولة الجريمة والاحتلال والقتل، ولا تاريخ صحيحاً غيره.
أرسل تعليقك